المحتوى المكتوب المهدر

كيف بقيت الذكريات موثقة حتى الان ، وكيف تداولت الاجيال المعرفة والثقافات ، كل ذلك بفضل تلك الرقع الورقية والجلود والألواح الخشبية وصفيح الحجار والحديد ، التي تم كتابة المعرفة عليها ، إما بحروف وأرقام أو رسومات ورموز ومعانِ . حتى وصلت لنا وسوف تبقى وتصل للأجيال التي بعدنا الى الأبد الأبعد .

ونحن الآن أمام بقايا تلك الحضارات والثقافات والمعارف المنسوخة على الورق ، وأخص بذلك المحتوى الإعلامي الذي نستحضره ونستذكره ، وكان ولا يزال وثيقة شاهدة على العصر ومستند يؤخذ به ، ذات موثوقية .

ونحن في عصر الرقمية الافتراضية، نشاهد الاعتماد على المحتوى المؤقت المستأجر لها حسابات مستودها الهواء ، ومفتاح مكتبتها لدى الغير وليس بأيدينا كشعوب وأفراد وجماعات، اسلوب بقاء لذلك المحتوى المكتوب .

كنا نعتمد على كتابة محتوانا الاعلامي في الصحف الورقية وبالفعل هي الشاهد على العصر حتى الأن ، ثم انتقلت التقنية الى الصفحات والمدونات الرقمية ويتم ارشفتها في روابط وتقنيات برمجية على سيدي او ذاكرة خارجية المعروف “الهارديسك” بمختلف اشكاله وتقنياته، وهذا النوع يحتاج الى العناية به وحفظه بصورة جيدة حتى لايتلف ويجب تجديد نقله كل خمسة سنوات مع المراجعة السنوية لبقاءه . وهو مايعرف بالارشيف الالكتروني .

اما الارشفة الرقمية وهي الارتباطات التشعبية على الانترنت فهي الوعاء والمكتبة الافتراضية لما يُكتب في حسابات التواصل الاجتماعي حينما تريد البحث عن شي محتوى يُشكل لك مستند هام ، ولكن تخيل ان تلك المنصة تمحي محتواها وتختفي وتودع الهواء الرقمي .

وذلك ما حدث حينما غادرت حسابات “تطبيق الكيك” و اليوم نشاهد قنوات يوتيوب تختفي في ظروف رقمية مختلفة ، اضافة الى ايقاف وحذف مؤرشفات حسابات ذات محتوى قيّم على “تطبيق تيك توك ” وكذلك شاهدنا حسابات على منصة “تويتر” اختفت خلال فترة انتقاله الى منصة ايكس بعد نقل ملكيته .

اذاً نحن امام مسؤولية الحفاظ على المحتوى وحفظه ، وهذا ما يؤكد الى ان علينا الاعتماد على المدونات الرقمية التي نستطيع عمل منها نسخ احتياطية بشكل مستمر ، ونمتلك النطاق الرقمي الدومين www ملكية قانونية .

على عكس منصات التواصل الاجتماعي التي تحتوي على محتوى مكتوب على شكل صور ، وهذا هو المحتوى المهدر الغير مؤرشف ، اذ تحاول البحث عن جملة او عبارة وردت مطبوعة على تلك الصورة المرفوعة على المنصة الرقمية ولكن حتى الان تقنيات البحث لم تصل الى قراءة النص المطبوعة في شكل صورة jpg او bmb وغيرها من الامتدادات الناقلة للصورة .

فواز المالحي