وفاء بن صديق: مولودتي الأولى بشارة بأن في الحياة ما يستحق، و”معصمه الأيسر” حرّك مدادي
الاتجاه – مريم الحسن:
هذه الفقرة (ضيف ليالي رمضان) أردنا من خلالها أن تكون مدخلًا لنا، لنقلب بعضًا من صفحات الأدباء وكتاب القصة تحديدًا، الذين عشقوا هذا الجنس الأدبي الجميل، وتماهوا مع جمالياته وفنه ومتعته.
ولقاء اليوم مع القاصة (وفاء عمر بن صديق) .. فتعالوا لنتعرف على ما قالته لنا:
ما هي ممرات الفرح التي لا تنسينها في حياتك؟
الحياة رحلة نمر من خلالها بالكثير من اللحظات المعلقة على جدران الذاكرة. وإذا وقفت لأتأمل الذكريات التي بقت معي من ممرات الفرح لأحصر بعضا منها، سيكون على رأس القائمة:
تجربة الأمومة التي منّ الله بها عليّ لن أنسى ذلك الشعور الغريب الذي اعتراني عندما رأيت مولودتي للمرة الأولى، وكأنها بشارة لي بأن في هذه الحياة ما يستحق العيش من أجله.
تجربة التفوق: اتصال هاتفي من المسؤول عن شؤون الطلبة لجامعة العلوم والتكنولوجيا في السفارة اليمنية، يخبرني بأنه سيتم تكريمي في حفل التخرج المقام في الرياض، لحصولي على الترتيب الثاني على خريجي قسم اللغة العربية.
تجربة الإنجاز: حصولي على درجة الماجستير في الأدب العربي، وتحقيق حلم طال انتظاره وتأجيله مرارا وتكرارا وكان على وشك التلاشي.
تجربة الكتابة: التي اكتشفت عبرها ذاتي وأزهرت بها ممرات الفرح في حياتي خاصة بعد ترشيحي للفوز، وإن لم أفز بجائزة مسابقة الهيئة الملكية في جازان للقصة القصيرة، عن فئة القصة المسموعة والتي شجعتني على الاستمرارية في هذا المجال.
لو دار الزمان وعدت تسكنين في بيتك القديم وتجلسين مع أهلك وأحبابك في شهر رمضان بدون انترنت أو جوال .. توافقين أم لا؟
الإجابة التلقائية عن هذا السؤال نعم، ولكن عندما أتفحص إجابتي تتولد لدي أسئلة أخرى: هل لو عدنا لتلك الأيام هل سنستطيع إحياء نفس المشاعر بعدما كبرنا وتغير الزمن وغادر الكثير من أحبابنا هذه الحياة؟، ولعل جمال تلك اللحظات يكمن في كونها ذكريات تلوح في أفق الحلم، نتأمله بين الفينة والأخرى، وقد تفقد جزءًا من رونقها بمجرد التفكير في إعادة عيشها مرة أخرى…. ربما.
صورة حية عشتيها لا تنسينها في أيام الشهر الكريم ومنها نبضت حروفك وكتبت عنها نصا له شأن خاص عندك.
الشهر الكريم مليء بالصور التي حملناها معنا: إعلان رؤية شهر رمضان، صوت مدفع الإفطار، مشهد أمي – رحمها الله- وهي تلف السمبوسة، و تقلي اللقيمات، مائدة الإفطار التي نجتمع حولها مع جدي وجدتي – رحمهما الله- صوت صلاة التراويح و التهجد- ختم القرآن وإهداء أجره إلى جدي – انتظار بث حلقات مسلسل “ليالي الحلمية”، فوازير رمضان، تجهيزات العيد في الليالي الأخيرة من رمضان وغيرها الكثير. لكن للأسف لم أكتب نصًّا عنها ربما فيما بعد.
في رمضان هل تستشعرين القصة أم هي تستشعرك بمعنى يلوح لك طيفها أم أنك تبحث عنها لتكتبها؟
عادة نصوصي لا أكتبها في رمضان، و كأن القصة تعتزلني في هذا الشهر، ولا تبالي بمحاولاتي للتقرب منها، ولا أعرف سبب ذلك، ولكن هذه الأيام زارني طيفها وتسامرنا سويًّا.
أول نص كتبته هل كان في الشهر الكريم، وإذا كان هل تعرضه علينا؟
لا، لم أكتب نصي الأول في رمضان، ولكن ذكرياتنا الجميلة فيه تعد مصدرًا نغذي به كتابتنا الإبداعية.
ماذا تقول عن إصدارك الأول في القصة؟
لم أصدر بعد مجموعة قصصية، ولكن لن أنسى شعوري بنشر أول نص “معصمه الأيسر” في مجلة “فرقد الإبداعية” كان شعورًا جميلًا لا يوصف وقد حرّك مداد قلمي فكتبتُ قصة قصيرة، عبرت فيها عن الفرح الذي غمرني في لحظتها.
(يرقة):
لم يكن يدرك مدى قدرته على استخراج المكنون في بواطنه، وإعادة خلقه من جديد، بل لم يخطر في باله شيء من هذا القبيل ولو من باب التجربة، كان يخشى دوما أن تكون محاولاته مثل (فرفار) وأن يقضي حياته في صيد يرقات تحتضر بين كفيه، لا يكتب لها أن ترى النور. تفاجأ في ذات مساء بأن يرقته التي تنكّر لها عقودًا طويلة استمرت على قيد الحياة، وأصبحت فراشة تطوف الشبكة الإلكترونية بجناحين ذُيِّل أَحدهما بتوقيع باسمه في إحدى الصحف.
…
(فرفار) الشخصية الرئيسة في رواية “صائد اليرقات” للكاتب د. أمير تاج السر