لا أحد يحتكر الحقيقة

أميمة عبد العزيز زاهد
أرحب بالنقد الإيجابي المتميز بعين محبة تتطلع دوماً للخير، ولكن أن أُنتقد من قبل البعض بأن مقالاتي متخصصة عن الرجل والمرأة ووجهة نظرهم تتلخص في أن الحياة مليئة بأمور أهم من الرجل ومشاكله وجبروته وأنانيته وإهماله وديكتاتوريته ورومانسيته.
وهناك من يلمح أو يصرح أو يتهمني بالكتابة عن ذاتي ومشاكلي، فإذا كتبت عن الحب والهجر والخيانة، عن الوفاء والصدق، عن الزواج والطلاق وتعدد الزوجات، أو عن سموم الإشاعات والحسد، فبالتأكيد أنا البطلة، وأقول لتلك الفئة لو كان كذلك، فليس هناك ما يخجلني لسبب بسيط، فمن غير الرجل أكتب عنه وله وإليه، فالرجل في جميع أدواره الأب، والأخ، والابن، والصديق، الرجل هو نصفي الآخر ورفيق رحلتي، والأهم من كل هذا هو الكائن البشري الوحيد الذي يحيا معي فوق سطح هذا الكون.
ورغم ذلك تناسوا ما كتبته في مجالات متنوعة عن السلوكيات وحُسن التعامل، وعن الحب وأنواعه ودرجاته وأهميته، وعن العلاقة الأسرية، تحدثت عن قضايا الطلاق ومعاناة حياة ما بعد الطلاق، وعن ضحايا الطلاق وتطرقت لخطورة الإعلام واستغلال العقول، وعن الصداقة والكثير من المرات تطرقت إلى مهارة الحوار ومعوقات الاتصال.
وعموماً حاولت جهدي أن أسجل بعض ما يؤثر سلباً على حياتنا… فأنا أتفاعل مع واقعي بكل سلبياته وإيجابيات وأسطر أحاسيس غيري بكل صدق، وأعبر عن مشاعرهم عبر ورقاتي، فمتعتي أجدها في قلمي، وهي متعة يعرفها كل من مارسها، متعة الشعور بمعاناة الآخرين وأعرف مدى صعوبة ما يبوحون به من مشاعر يفيض منها الدفء أحياناً والقسوة أحياناً أخرى.
خاصة ونحن قد نشأنا على أن نخفي مشاعرنا الحقيقية، وتعودنا أن نظهر ما يتوقع المجتمع أن نظهره، ومن يتجرأ ليعلن عنها يتعرض لعقاب اجتماعي ومعنوي، حتى لو كانت مشاعر بريئة طاهرة صادقة، فأي موقف مهما كبر أو صغر قد يكون بسيطاً للآخرين، ولكنه في الواقع مثير للتفكير وللوجدان، لأنها أحاسيس قوية ومؤثرة ومؤلمة.
ومن وجهة نظري أن حرية القلم كما أتخيلها ليست هي حرية النشر فقط، وإنما هي حرية مسئولة لا تعني أن أكتب ما أشاء، ثم يتحول ما أكتبه إلى دخان في الهواء، لذا لن أستغرب بعد الآن، ولن أفسر نظرات الاتهام في عيون الآخرين، فقد تعددت الوجوه وتشعبت الألسنة وتوارت النيات الحسنة، وأنا ليس لي القدرة على المهاترات التي لن أستفيد منها، سوى إضاعة وقتي.
فمن حقي أن أكتب ما أشاء، وليس من حق أحد أن يصادر حقي، لهم مناقشتي والاختلاف معي، وليس من حقهم أن يلزموني بأحكامهم، فلا أحد يحتكر الحقيقة، ولا أحد له الحق بتوجيه الانتقادات في كل الاتجاهات دون حوار.
فهناك الكثير الذي يمكننا أن نتعلمه عندما نرى بعيون محبة متسامحة، وليس بعيون متهمة وكارهة.
وسيبقى قلمي يعبر عن عواطفي الصادقة من خلال معايشتي وإحساسي بما يسمعه أو يراه أو يشعر به.
فأنا لا أستدعي الحب ولا أصنعه، لأنه قابع في أعماقي، فالمشوار ما يزال طويلاً، والقافلة بإذن الله ستواصل المسير حتى يأذن لها الرحمن بالتوقف.