سُطورُ النهار
محمد الرياني
الليلُ غيرُ الليل، أبتسمُ وحيدًا في غرفتي الرمادية، تكاد تنشقُّ الجدرانُ من سهامِ الفرحةِ العارمة، بعضُ النهاراتِ تتألقُ كالأوراقِ الناصعةِ عندما يكون الخَطُّ عليها أكثرَ من رائع، ويأتي الليلُ ليسفرَ عن مساءٍ مسافرٍ وبين أمتعتِه السطورُ التي خرجتْ من بطنِ النهار، أنظرُ في المرآةِ المقابلةِ لأجدَ نفسي ألبسُ ثوبًا رماديًّا متغزلًا في جدران بلا حراك، أسألُ وحيدًا ما سببُ اجتماعِ اللونِ الرماديِّ في مساءٍ مسافرٍ بأمتعةِ الفرح؟
أعاتبُ نفسي لأنني لم أقلِّبْ الصفحاتِ جيدًا وسطٰ النهار، جاء الليلُ لأطويَ الصفحاتِ وقد نقشَ الخطُّ الأسودُ على نصاعتِها سحرًا عجيبًا، أردتُ أن أخلعَ الثوبَ القاتمَ لأن سطورَ النهارِ لا تستحقُّ الاحتفاءَ بها في مساءٍ يرتدي ثوبَ الفرح، تغريني المرآةُ الأنيقةُ بصمودِها بينما بروازها الذهبي يدفعني لألبس ثوبًا ذهبيًّا في دولابِ ملابسي الذي يستقرُّ عن يميني، وقد أغلقَ معظمَ الجدارِ الشرقي الرمادي أيضًا، عن يساري دفترٌ قديمٌ فيه بعضُ شخبطاتِ الذكريات، معظمُ الألوانِ فيه؛ باستثناءِ لونِ الثوبِ والجدران.
لبستُ ثوبًا ذهبيًّا وعلى أطرافه نقوشٌ وزخارف، بعضُ كلماتِ الدفترِ القديمِ مراهقةٌ وبريئةٌ وعذبةٌ في آنٍ معا، نظرتُ من الشباكِ القريبِ وسطَ الهدوءِ لأرى النجومَ في الظلامِ وأسترجعَ أحاديثَ ونسنساتِ المسافرين، قالت لي سطورُ النهارِ …..
بأنَّ عليك أن تعيدَ قراءةَ السطورِ جيدًا، وأن تُحسنَ الظنَّ فيها، قررتُ هذه المرَّةَ أن أسافرَ في المساءِ ومعي الثوبُ الذهبي؛ لم أشأ أن أُحرجَ النهار، انتظرتُ إشراقةَ شمسٍ جديدة.
تمنيتُ أن أقرأ سطورَ النهارِ من جديد، وإذا حان المساءُ سأستعيرُ من النجومِ ضياءَها، ثمَّ أسافرُ برداءٍ يشْبهُ وجهَ الشمس.