آراء و تدوينات

نتسامح ولكن لا ننسى

أميمة عبد العزيز زاهد

ما بال بعض الأزواج يعتقدون بأنهم إذا تزوجوا تصبح الزوجة من الممتلكات الخاصة بهم.

فالزوج قد استلمها من بيت والدها بنمرة واستمارة، وأصبح المالك والمتصرف فيها كيفما شاء.

لقد دهشت عندما حدثتني فتاة في عمر الزهور عن زوجها المتعلم والمثقف، والذي لم يمض على ارتباطه بها سوى أشهرًا، قالت إنه بمنتهى البساطة يمد يده ليصفعها على وجهها لأتفه الأمور، وقد يرميها بما تطوله يداه لحظة عصبيته، وتألم قلبي ودمعت عيناي وأنا أرى بعض آثار الضرب على جسدها. واسترسلت في الكلام من خلال دموعها وأنينها، وقالت:

 إنها يجب أن تتحمله وتصبر، فهي لن تستطيع البوح لأهلها؛ لأن هذه هي تجربتها الثانية بعد أن فشلت في زواجها الأول، ولذا يجب عليها أن تذوق المر في حياتها الجديدة نتيجة إذلال زوجها لها، وتذكيره لها دائماً بأنه تزوجها وهي مطلقة ولديها طفل.

سيدي الزوج: وصف الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم عقد الزواج بـ الميثاق الغليظ وذلك ليضفي على هذا العقدِ جلالًا وهيبة، وتقديرًا واحترامًا، وينبّه الزوجين إلى أن هذا العقد مستمر ومقاوم للعواصف الأسرية والأزمات الحياتية والصعاب المختلفة، ومحفزًا لهما أن يأخذا على أنفسهما العهد والميثاق بأن يحسنا العشرة فيما بينهما

والحياة تتطلب قدراً أكبر من الحكمة والمرونة والرحمة، فالزوجة عندما تعاني في حياتها من ظلم الزوج، وتعيش معه في شقاء مستمر، فيه إهدار لكبريائها وكرامتها… فلن ينتج عن ذلك إلا تعاسة الطرفين، بجانب الأمراض النفسية والمعنوية.

وأنت تعتقد بتصرفاتك هذه بأنها سامحتك لأنك اعتذرت لها، ولكن هل سألت نفسك ما نوع هذه المسامحة؟ فنحن النساء نتسامح، ولكن من الصعب أن ننسى؛ لأن الإساءة والإهانة يا سيدي لا يمكن أن تنساها زوجتك، فما أقسى أن يقع الظلم والقهر من خليل ووليف وزوج وعشير على أقرب الناس له.

والمفترض أن هذه الزوجة شريكة حياتك، وسترك وغطاؤك، والحياة تفاهم وتعاون على المصاعب، وليست عراكاً وشجاراً.

ومازال أمامك مستقبل وأسرة وعمر طويل، فلماذا تهدره في المشاحنات؟ ثم لماذا دائماً تذكرها بتجربتها الأولى، وتحاول إذلالها! فمن أجبرك بالزواج من امرأة مطلقة؟ أكيد أنك اخترتها بكامل قواك العقلية، والمفروض أن تتحمل المسؤولية، وتحاول تعويضها عما فاتها، وتضمد جراحها لا أن تعمقها وتهين كرامتها.

اصدقني القول، هل فكرت لو أن أختك مرت بتجربة زواج وفشلت… هل معنى ذلك أن تدفن في الحياة، وهل ترضى بأن يعاملها زوجها بهذا الأسلوب غير الإنساني الذي يرفضه ديننا الحنيف؟ وهل هذه هي الأمانة التي تحملها في عنقك، والتي ستسأل عنها يوم الحساب.

بالفعل نحن بحاجة إلى إعادة لمفهوم التربية السليمة، نزرع من خلالها في نفوس النشء سيرة سيد البشرية، عليه أفضل الصلاة والسلام، في كيفية تعامله مع زوجاته، إنها تربية يتعلمون فيها كيف يكون الحب، وكيف يكون التعامل والرحمة والعدل.

يقول فاروق جويدة:

“نستطيع أن نبدأ الحرب، ولكننا لا نعرف كيف ننهيها. نستطيع أن نحب، ولكننا لا نستطيع أن ننسى. إن بمقدور الإنسان أن يجرح إنساناً آخر، ولكن من الصعب أن يداوي جرحه. ما أسهل أن تطلق سهماً في قلب إنسان آخر، وما أصعب أن توقف نزيف الدم”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com