ألم
محمد الرياني
لا تنزعج ! هكذا لسان حاله تقول إنَّ اسمي ألم.
ولكنني ألهمك لتتعرف على من حولك وأقودك إلى التعرف على آخرين.
سماعة الطبيب القديمة التي عرفها أجدادك قبلك، السرير الأبيض الذي يفتح لك أبواب الأمل، ابتسامة الطبيب بمعطفه المميز وهو يربت على كتفك ويمزح عليك بأن بك حال العافية، تضع إبهم كفك على موضع الألم الأقرب من إصبعك فتتألم، تشعر بالوخز وكأن التماسًا كهربيًّا قد حل بك.
ما هذا الألم؟ يذكرك بأن لك طرفًا ظل سنوات يسير بك إلى مساءات الفرح، وعبر النهار حيث تكثر الظلال، تنثني فتغمرك السعادة دونما منغصات، أما الآن وقد حان الألم فسوف تنسى ولو لبعض الوقت متعة الظلال وفرحة المساءات البيضاء، ما أقسى أن تشعر أن الألم يطرحك أرضًا على الرغم من أنه لا يمتلك ذراعين للبطش بك أو قدمين للركل.
يأتي صامتًا دون أن تراه، يداهمك فجأة بلا مقدمات صريحة، عندما تصادق السرير ترى كل شيء حولك بوضوح، ابتسامة الصغار، زحف الحشرات، طيران الكائنات الرقيقة وعبارات التشجيع كي تنهض لتحتضن كما كنت تفعل.
يأتي الألم قاسيًا ولكنه يعلمك بقسوة ثم يتركك بعدما كتبَ على جسدك لغته الخاصة، ليجعلك أسعد مخلوق بعد الألم، وبعد الألم تمثل أمامك ضحكة بريئة جاءت لتهنئتك، وباقة ورد ملونة جمعت لون دم الأوردة، وبياض الوجنتين واصفرار الألم.
بالأمس يأتي الوجع، ويأتي الحاضر ليسكب شهد الحياة من جديد.