آراء و تدوينات

والدتي عتبة النص الأولى

هاني الحجي

أهدي في كل إصدار من كتبي نسخة لوالدتي.

أعرف أنها لن تقرأه، لكني متيقن أنها أكثر إنسانة في هذا الكون تفهم معانيه.

  فهي تقرأ وجعي في كلماته، وفرحي بين حروفه.

تعرف في كل نقطة نهاية السطر أين ذرفت دمعة في الحياة لأجلها، وتعرف أن عند كل فاصلة بين جملتين تدفقت فيها أمنياتي.

والدتي هي المتلقي الأول لنصوصي بروحها، وتشعر بنبضي قبل أن أكتبه، وتقرأ ألمي بين صفحات حياتي، وأملي من غلاف نظراتي، وإن لم تقرأ كتابي، إلا أنها قرأتني بكل عمري وسنواتي.

أمي قرأت أفكاري من ملامح وجهي، وترجمتني بأحاسيسها، وفهمتني قبل أن أفهمني أنا.

هي التي كنت أضع رأسي على صدرها في طفولتي وتروي لي (الحزاوي)، وتمسك بين يديها الطاهرتين كتاب الله، وتقرأ المعوذتين لتحصنني، وحينما كبرت أعدتُ كتابة “حزاويها”.

ألهمتني الفكرة من حنانها.

والدتي هي عتبة النص الأولى، بل هي النص لحياتي.

ليس طبق نظرية (جيرار جينت)، بل كما ورد عن نبينا محمد ﷺ في فضلها، وهي المؤلف الذي كتبني، وحفظتْ بقلبها عنواني.

أطال الله في عمرها، ومتعنا ببركات وجودها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com