الأولى

الباحث الزهراني : لن يقف تاريخ (زهران) عند (الشنفرى) وبرنامج على خطى العرب مغالط

[JUSTIFY]يدور الكثير من النقاشات بين قرّاء التاريخ والباحثين فيه وبين العامة عن الشاعر الصعلوك الشنفرى . من أي قبيلة؟ ومن الذين دارت أحداث قصته بينهم؟ وهذه التساؤلات تثير الجدل. ويبني العامة أفكارهم عليها، ويحولون الجدال إلى نزال ينتج عن قناعات ناتجه عن تعصب لرأي أو قبيلة.

تحدث لـ”أنباء الباحة” الباحث الاستاذ عبدالهادي بن حربي الزهراني ” لعلّي أنوّه على أن كل قبائل الأزد العظيمة لها تاريخها كغيرها من القبائل ولا يعني كون الشنفرى من قبيلة معينة هو زيادة فيها عن غيرها وكذلك لا يعني كون الشنفرى ليس من قبيلة معينة هو منقصة فيها!! وبالنسبة لتاريخ قبائل زهران أحفاد الصحابة والملوك فلن يقف عند الشنفرى. وأحب اطمئن جيل الشباب من القبيلة وهم الأكثر تحمساً للشنفرى -لأحداث المغامرات في قصته- وأقول لهم بأن في تاريخ قبائل زهران ما يغنيكم عن الشنفرى فقط لو تركتم العاطفة وطالعتم الكتب التي تعينكم على ذلك. وكذلك لا يفوتني أن أوجه لكل من بحث في هذا الموضوع من القبيلة وغيرها الشكر وأقول له إن اتفقت معك فهذا خير ومن قناعة وإن اختلفت معك فالاختلاف لا يفسد للود قضية. وإن خالفتني في رأيي فتكلّم بمراجع عن رأيي العلمي وليس عن شخصي وارائي الاخرى. وكما تعلمون فإننا جميعاً نجتهد فمن أصاب منا فله أجران ومن أخطأ فله أجر.

أما عن الموضوع فقد اختلف المجتمع البحثي حول الشنفرى وأصله وحياته وصعلكته ، وهذا الاختلاف مبني على شبهات وتشابه. فأقول في البداية أن الشنفرى على المستفيض هو من الاواس بن الحجر بن الهنو بن الازد . وقد حدد بعض النسابة أنه تحديداً من بني الحارث بن ربيعة بن الاواس مثل ابن الكلبي. ونجد ذلك في شعر الشنفرى عندما قال:

أبَي ابنُ خِيارِ الحَجْرِ بيتاً ومَنْصباً // وأُمِّي ابنةُ الأحرارِ لو تَعْرِفينها

وهذا البيت مثبوت من الرواة وليس منحول . ويكفي مع استفاض عند النسابة في القول بنسب الشنفرى الحَجْرِي . أما تحديد الاواس اليوم أين هم في رجال الحَجْر فهذا شأن آخر يهتم به أهل العلم فيهم. وقد ورد البيت بشطره الأول برواية اخرى وهي :

أليس أبي خيرَ الأَواسِ وغيرِها // وأُميّ ابنةُ الخَيْرِينَ لو تَعلمينها

وأما أحداث قصة الشنفرى فتبدأ بقصة إجارة والده للحارث بن السائب الفهمي الذي كان يطلب دمه قبيلة غامد. فخفر قوم والد الشنفرى بذمته وقتلوا جاره . وثار عليهم والد الشنفرى وقتلوه هو أيضاً. وجاءت قبيلة فهم “وهم فهم بن عمرو بن قيس عيلان” تطلب بدم الحارث بن السائب الفهمي من بني الاواس قوم والد الشنفرى ما كان منهم إلا علّقوا الأمر بذمة والد الشنفرى الذي قتلوه وسلّموا عائلته لقبيلة بني فهم وهم الشنفرى ووالدته وشقيق للشنفرى أصغر منه وذلك كخلاص للموضوع . ومن هنا بدء الفصل الثاني من حياة الشنفرى من مرابع قبيلة فهم القيسية. وهذه العلاقة جعلت البعض يظن أن هناك صلة قرابة بين الشنفرى وتأبط شراً وهذا غير صحيح.”

واضاف بن حربي ، وأما عن انتقال الشنفرى لبني سلامان بن مفرج. ومن هم سلامان هؤلاء؟! . فأقول أن بني شبابة “حي من فهم كما ورد بالمخطوطة وأرى أنهم من فهم بن عمرو بن قيس عيلان فقد قاله أبو علي الهجري في التعليقات و النوادر : قال : فهم بن عمرو بن قيس ثلاثة بطون ، فابنا القين شبابة و كنانة و بعدهما بجالة ، وفيها العدد و العز ، وهي ثلثا فهم ” ويرى حمد الجاسر أيضا بأن شبابة الذين ارتبطوا بقصة الشنفرى هم من فهم بن قيس عيلان وفرق بينهم وبين شبابة الذين من زهران من نسل مالك بن فهم والذين هم بعمان والعراق. فشبابة الذين من قيس عيلان اسروه في معركة بينهم وبين من حل عندهم الشنفرى ووالدته من بطون فهم. ثم أن بني سلامان أسروا رجل من فهم من شبابة تحديداً. ففدت شبابة أسيرها مقابل تسليم الشنفرى لبني سلامان. وانتقل معهم.

ومن هنا يبدأ الفصل الثالث من حياة الشنفرى حيث يكون في حِجْر رجل من بني سلامان ويتبناه. – وأنوه هنا أن التبني لايكون للمواليد فقط فقد يتوسع التبني لغلام أو بالانتساب من رجل لرجل أو اوسع من ذلك من قبيلة لقبيلة فتنتسب القبيلة لاب غير والدها-. ويحدث ما يثير غضب الشنفرى. وهو روايتين. الرواية الأولى بأنه طلب من ابنة الرجل الذي من بني سلامان أن تغسل رأسه وقال اغسلي رأسي يا اخيّه. فنفرت منه واخبرته بأنه ليس اخوها. فغضب الشنفرى -مع العلم بأني اشكك في أن الشنفرى لا يعلم اساسا بأنه ليس اخوها بل ارى أنه كان يعلم لكن ما أثار غضبه هو احتقارها له وليس صدمته بأنه ليس اخوها – والرواية الثانية تقول بأنه طلب من الرجل الذي من بني سلامان أن يزوجه ابنته فأبدى له الموافقة واخبره بخوفه من قومه أن يقتلوه لأنه زوج ابنته له لأنه ليس بالكفؤ لها من منظور قبيلته سلامان. فوعده الشنفرى أنه سيقتل مائة منهم إن قتلوه. وإنني أرى أن الروايتين مترابطة وقد تكون صحيحة الاثنتين وتبدأ بتودد للفتاة وتنتهي بالزواج منها.

وبدأت القصة في الثأر من بني سلامان. وأرى أن سلامان الذين وردوا في الروايتين هم بنو سلامان بن مفرج بن مالك بن زهران وليس بنو سلامان بن مفرج بن عوف بن ميدعان بن مالك بن نصر بن الأزد والذين كانت ديارهم متداخلة مع عامة ديار قبائل الحَجْر وبعيدة عن ديار زهران. وجاء هذا الترجيح عندي لما ورد في شعر الشنفرى من مواضع معروفة إلى اليوم ببلاد زهران ببلاد بنو سلامان تحديدا. وهي”وادي دحيس او دحيس” و بيده “أبيده” الذي أعلاه يمر ببلاد زهران ثم ببلاد غامد ثم أسفله يحل البقوم -هكذا قال حمد الجاسر- هذا من جهة. ومن جهة اخرى ارتباط سلامان الذين دارت بينهم احداث القصة بهذه الاماكن خاصة وبالقبائل القريبة جغرافيا منها مثل غامد والبقوم. فهم اقرب لنواحي سلامان زهران وليس لنواحي سلامان ميدعان. مع أن المخطوطة أوردت دخيس وليس دحيس ولكن هنا الفرق نقطة فهي اقرب للتصحيف وهذا لايعني أن نلوي أعناق النصوص بدعوى التصحيف. ولكن للنظر في الاغاني لابي فرج الاصفهاني وردت “دحيس”وكذلك قال بهذا غير واحد ممن كتب عن الشنفرى قديما وحديثا.

ودحيس اليوم واد زراعي يبدأ من أعلى وادي القوارير بسراة زهران من الحنوب وينتهي في وادي تربة في الشمال وهكذا اورده السلوك في المعجم الجغرافي لبلاد غامد وزهران وأورد عن دحيس في كتابه “غامد وزهران السكان والمكان” أنه من منازل بني بشير بفرعيها آل يعلى وآل محمد ومن قراهم بدحيس مثلا القوارير والوهدة والاشتاء والشطة والقامرة. وأما بيدة فمن منازل بني سلامان بفرع بني بشير ايضا ومعروفة ديارهم وقراهم في بيدة. ولبني “سلامان بن مفرج بن مالك بن زهران” ايضا منازل في تربة زهران مثل قرية الزير وقرية الهجران. ومما يزيد التأكيد على أن سلامان الذين بهذه المناطق الجغرافية والذين ارتبط جزء من تاريخهم بالشنفرى ما ورد في شعر حاجز بن عوف السلاماني وهو ” حاجز بن عوف بن الحارث بن الاخثم بن عبدالله بن ذهل بن مالك بن سلامان بن مفرج بن مالك بن زهران” قال :
قومي سلامان أمّا كنتِ سائلةً // وفي قريشٍ كريمُ الحلفِ والنسبِ

وفي هذا البيت يوضح العلاقات التي تربط سلامان بقريش مكة والتي قامت على الاحلاف الفردية حتى وصلت للتحالف القبلي كما نص على ذلك ابن حبيب في كتابه “المنمق في اخبار قريش” وقال بأن سلامان حالفوا قريش. ومما يؤكد أن سلامان الذين من مالك بن زهران هم من ارتبطت الاحداث بحياة الشنفرى بهم ماجاء بالمراجع بأن الشنفرى مر بموضع يقال له دحيس بالرواية الصحيحة. فأبصر رجلان من بني سلامان. فأعجل عن قتلهما وقال:
قَتِيلا فَخَارٍ أنتما إن قُتِلتُما // بجوف دَحيسٍ أو تبالةَ يسمَعَا
فتأكيد الرواية أنه أبصر رجال سلامان في دحيس جاءت عن طريق ماورد في سبب البيت وجاءت في البيت نفسه . وتشير المراجع أن أسيد بن جابر السلاماني وابن اخيه وخازم البقمي على الأصح في “البقمي” قعدوا للشنفرى بعد أن عم فساده وأذيته. ومما شجع أسيد بن جابر على التخلص من الشنفرى أن الشنفرى قتل حرام بن جابر شقيق أسيد بن جابر وهو محرم في منى وذلك ثأرا لأبيه كما تقول الرويات. ولكن من والد الشنفرى الذي ثأر له هنا؟ الجواب هو الذي كان بمنزلة أبيه في سلامان وهو والد الفتاة التي تزوجها او من عامله معاملة ولده بعد أن قتله قومه سلامان عندما زوج ابنته للشنفرى. قال الشنفرى:
قتلتُ حراماً مهدياً بمُلبَّدٍ // ببطن مِنىً وسْط الحجيجِ المصوِّتِ
قتلتُ بعَمْرو عبدَ عمْرو وبِكْرَهُ // وعوفاً لدى المَعْزَاءِ لما استقلتِ

وقال أيضاً:
قتلنا بعَمْرو منهمُ خَيْرَ فارسٍ // يَزِيْدَ وسعداً وابنَ عوفٍ بمالكِ

فهو هنا ثأر لعمروا . وعمرو هذا ليس بأبيه حقيقة. إنما هو الرجل الذي اتخذه ابناً له من بني سلامان. ثم زوجه ابنته فقتلته بنو سلامان!! وهذا ماذهب إليه شارح ومحقق مخطوطة “شرح شعر الشنفرى الازدي لمحاسن بن إسماعيل الحلبي” الدكتور خالد عبدالرؤوف الجبر. وعلى هذا أذهب أنا كذلك. لما يدل على صحة ذلك من اشعار الشنفرى بأنه من الاواس ولما ورد في تسلسل نسبه.
فقعد له أسيد بن جابر وابن اخيه والذي يظهر أنه ابن حرام بن جابر ومعهم خازم البقمي “والبقوم حي من الهنو بن الازد حلفاء لبني سلامان بن مفرج هكذا في المخطوطة”. وتمكنوا من الامساك به في الناصف من بيدة. وربطوه. واجتمعت بني سلامان “وفي هذا دليل إضافي لكون سلامان المقصودين بقصة الشنفرى هم سلامان بن مفرج بن مالك بن زهران فتجتمع القبيلة بديارها” فبدأو بمحاسبته. فجاء غلام من سلامان كان الشنفرى قد قتل والده وضرب يد الشنفرى وقطعها. وقال الشنفرى في ذلك شعرا يخاطب به يده:
لا تَبْعدِي إمّا هَلَكْتِ شامَهْ // فرُبَّ خَرْقٍ قَطَعَت قَتامَه

ثم قالت له بنو سلامان في بيدة حينما أرادوا قتله: أين نقبرك؟ فقال:
ولا تَقْبُروني إنّ قَبْرِي مُحَرَّمٌ // عَلَيْكُمْ وَلكِنْ أبْشِرِي أمَّ عامِرِ
إذا احْتَمَلُوا رَأْسِي وفي الرأسِ أَكْثَرِي // وَغُودِرَ عِنْدَ المُلْتَقَى ثَمَّ سَائِرِي

يعني: لا تقبروني فإنه محرم عليكم أن تقبروني ولكن أريد أم عامر أن تأكلني. أي يبشّر الضبع ومن أسمائها ” أم عامر” بأن تأكل لحم من كان يطعمها لحم الناس ممن قتلهم.

فكان للشنفرى ما طلب. فتقدم رجل من بني سلامان وقال للشنفرى: أأطرفُك؟ فقال الشنفرى: كاك كنّا نفعل. أي كذلك كنا نقول. وذلك لأن الشنفرى كان إذا رمى يقول (أأطرفُك؟) يعني أأرمي سهمي في عينك؟. فرموه القوم وقتلوه بذلك الموضع في ديار سلامان بن مفرج بن مالك بن زهران في الناصف من بيدة. ولم يقبرونه أبدا. كما ورد ذلك عن مؤرج عن الازدي أنه لما قتل الشنفرى مرّ بجمجمته رجل من بني سلامان. وهي قد بَلِيَت فضربها برجله. فعقرت قدمه ومات منها. وأقول أي أن الشنفرى بقي بالموضع الذي قُتِل فيه حتى تعفنت جثته. وركل جمجمته هذا الرجل السلاماني وهي متعفنة وجرحت عظامها قدمه وتسمم منها ومات. وورد أيضا أنهم صلبوه فبقي عام أو عامين مصلوباً وهذا مبالغ فيه والاصح ماحدث من ركل جمجمته.

وأما ورد في حلقة الدكتور عيد اليحيى فهو مغالطات وأقول: في الحلقة تم تصوير قبر في قرية سلامان في دوس بالطفيل بناء على إفادة بعض الباحثين لعيد اليحيى بأن هذا هو قبر الشنفرى. وكذلك تم ربط قوب وبيضان بالحدث. ولي تعليق بسيط في هذا. وذلك من منطلق الحرص على تاريخ زهران من التزوير والتحريف والاستغلال بطريقة خاطئة لخدمة المصالح الخاصة. فتاريخنا ليس مطمع للدخيل والغريب. وأقول: كما مر سابقا بالمراجع أن الشنفرى لم يدفن أساساً. وأنه قتل في بيدة في الناصف منها. وأنه ركل جمجمته بعد قتله أحد بني سلامان فتسمم منها ومات. فكيف نخالف المراجع ونقول بأن له قبر؟ ثم من يعرف بلاد زهران سيعرف البعد الجغرافي بين بيدة وبين قرية سلامان. وأصلا لماذا يدفن في قرية سلامان التي بدوس؟ وما مصلحة دوس أن تدفن الشنفرى الذي قتل رجال من زهران ومن الازد وعمّت اذيته وفساده فهل تكرمه دوس بدفنه؟ هذا غير منطقي ابداً. وهذه المعلومة بأن قبره في قرية سلامان في دوس أملاها على الدكتور عيد اليحيى أحد الباحثين المجتهدين بدون أي دليل ولا سند ولا مرجع. ولا يوجد مرجع واحد ينص على قبر الشنفرى لا قديما ولا شعبيا ولا في الشعر القديم ولا الشعر الشعبي هذا إن سلّمنا أنه قد دفن أصلاً. وكل هذا يجعل الوهم والهوى يتغلب على الحيادية والموضوعية والحقائق. والدكتور عيد اليحيى يبحث عن أي اثارة في برنامجه لدرجة أنه كان ينتقي القبر المناسب لزاوية التصوير ويقول بأنه قبر الشنفرى كما وردني من شاهد عيان!! إضافة إلى ذلك فالمقابر التي صور عندها عيد اليحيى إسلامية على القبلة!!
وعلاقة قرية سلامان ببني سلامان مجرد تشابه لا أقل ولا أكثر. ولا ننسى أن في زهران بطن جاهلي آخر يسمى بنو سلامان وهم بنو سلامان بن يشكر بن مبشر بن صعب بن دهمان بن نصر بن زهران. والذين كانوا في السراة ويظهر أنهم بعد الحرب الجاهلية بين يشكر ودوس تحولوا عن مساكنهم القديمة التي كانت بالقرب من جبل عويرة إلى مساكن اخرى وبقي اسمهم على محلهم. قال الصحاري فيما نقل (حتى التقوا بحضوة إلى ضماد مسرح، حتى وقف على رأس عويرة، وهو جبل، وكان عائفاً..) فهو يتحدث هنا عن الحرب الجاهلية بين يشكر ودوس. ومايهمنا هنا هو الربط بين سلامان كمسمى قرية وبين قربها من عويرة وهذا يجعلها إن لم تكن ترتبط بمسمى ساكنيها القدماء وهم بنو سلامان بن يشكر بن مبشر بن صعب بن دهمان بن نصر بن زهران فإنها لا ترتبط ببني سلامان بن مفرج بن مالك بن زهران الذين سكنو أبيدة ودحيس وماحولها. وهي بكذا تشابه أسماء فقط. فمثلا ليس مالك بن فهم بن غنم بن دوس بن عدثان بن عبدالله بن زهران هو مالك بن فهم بن ربيعة بن سليم بن النمر بن عثمان بن نصر بن زهران وليس بنو سليم بن النمر بن عثمان بن نصر بن زهران هم بنو سليم بن فهم بن غنم بن دوس بن عدثان بن عبدالله بن زهران .وكذلك ليس بنو سلامان بن مفرج بن مالك بن زهران ببنو سلامان بن يشكر بن مبشر بن صعب بن دهمان بن نصر بن زهران. برغم أن الجميع من زهران!!.

والمنطقتين الجغرافية أي بيدة بديار بني سلامان بن مفرج وقرية سلامان بعيدة عن بعضهما مما يجعلنا نستبعد علاقة مسمى قرية سلامان ببني سلامان بن مفرج. وكذلك نستبعد علاقتها بالشنفرى الذي دارت قصته في سلامان بن مفرج وقتل في ديارهم ولم يدفن!! وقد يربط البعض حتى بعد هذا الكم الهائل من التخريج والتبيين بين قرية سلامان التي في قبيلة دوس من زهران وبين الشنفرى ويقول بأن الشنفرى كان يتصيد رجال بني سلامان في غابات حظوة المتشابكة فطالما أنه كذلك فحظوة قريبة من قرية سلامان. فأقول هذا رأي غير سديد ويكفي أن حظوة لم ترد أساساً في شعر الشنفرى ولا في المراجع القديمة التي تحدثت عن الشنفرى وكل اعتماد صاحب هذا الرأي على مرجع حديث لا يمكن أن نجعله بحجم حجة المراجع القديمة ولا بحجم حجة شعر الشنفرى نفسه. وفي هذا يقول حمد الجاسر (لم يمر بي اسم هذا الموضع فيما قرأته عن الشنفرى ولكن ورد فيما سبق نقله عن الاستاذ عمر رفيع) ومحمد عمر رفيع رحالة جغرافي وليس نسّابة إضافة إلى أنه حديث عهد مقارنة بالمصادر القديمة التي تحدثت عن الشنفرى من المخطوطات والكتب العلمية والأدبية فقد ولد محمد عمر رفيع عام ١٣١٧ هجري وتوفي ١٣٩٨هجري وكتابه الذي أورد فيه المقولة التي يظهر أنها من خياله – غفر الله له – هو كتاب “في ربوع عسير” والذي نشر عام ١٣٧٣ هجري أي قبل حوالي ٦٥ سنة فقط!! وهذا ليس تقليل من شخصه الكريم رحمه الله ولا من مجهوداته لكن يبقى له مجاله “الجغرافي” ولا نستطيع أن نهمل ونترك المراجع الاقدم والاثقل بل ونترك شعر الشنفرى بنفسه ونسلّم لخيالات لا مستند لها ؟! فبذلك من رأى أن حظوة سواء التي بزهران أو ببالأسمر وردت بشعر الشنفرى أو بالمراجع القديمة فهذا غير دقيق. وبهذا فالنتيجة أنه لا يوجد قبر للشنفرى ولايصح أن يقال أن له قبر اليوم.

وأما هذا البيت للشنفرى:
إذَا أصْبَحْتُ بينَ جِبَال قَوٍّ // وبِيْضَان القُرَى لمْ تَحْذَرِيْنِي

فما ورد في (قو) و (بيضان) في الحلقة فأراه محل ظن و شك لا تثبّت ويقين. فالبيت ضبطه وروايته تجعله في خلاف. فأما ضبطه فكلمة (بيضان) التي وردت بالحلقة على أنها بيضان المعروفة بزهران ضبطها هكذا (بِيْضَان) بكسر الباء وليس بفتحها. وهي جمع (أبْيَض) وهو جمع يدخل في الجمع على صيغة (فِعْلَان) كما قال بهذا الضبط أبو زكريا الفراء العالم النحوي الشهير الذي لقّب بأمير المؤمنين في النحو لعِظَم مكانته بين العلماء. وقد ورد في التراث العربي الضبط ( بَيْضَان ) وفي هذا دليل على أن الشنفرى أراد ( بِيْضَان ) جمع أبيض. قال الهجري: بَيْضَان وادٍ يصب على صفينة. قال:
سَرَت منْ بَيْضَان ليلا فأصبحَت // بِقَورَانَ الرِّسَاسِ تُواكلُهْ
فلو أراد الشنفرى (بَيْضَان) لما صعبت عليه. فهي على الصحيح (بِيْضَان القُرَى) وكما نلاحظ أنها صيغة جمع وجاء بعدها لفظة (القُرَى) جمع قرية. وهو بهذا أراد القرى البيضاء التي لا زرع فيها. جاء من معاني الأرض البيضاء أي الملساء لا نبات فيها. ولو اعتقدنا أنه يقصد بيضان بفتح الباء في زهران لما استقام المعنى فكيف بفصيح مثل الشنفرى أن لا يعبر بالشكل الصحيح!! فهل سيقول (بيضان القرى) في (قرى بيضان)!! ثم لماذا لم يقل (جبل بيضان) بدل من (قرى)!!

وأما الاعتقاد بأن (قَوّ) هي (قوب) التي ببلاد غامد فهذا أيضا غير دقيق. لأن اللفظة وردت (جبال قَومِي) ووردت (جبال قَوّ) وهذا سبب من أسباب جعلها محل الشك لا اليقين. و كذلك المنطقة الجغرافية التي فيها (قوب) اليوم تكاد تكون بطون أودية على ما وصفها السلوك في المعجم الجغرافي لبلاد غامد وزهران فقال(قَوْب واد غامدي يبدأ من جنوب رهوة البرّ يتجه إلى الجنوب فإلى الشرق ثم إلى الجنوب ثم إلى الشمال…ويتجه إلى وادي ثراد الجنوبي في بادية العقيق فوادي رنية النخل المعروف) وفي هذا الوادي وقعت حرب ضروس بين زهران وغامد والاتراك حوالي عام ١٣٢١ هجري قال ابن ثامرة :
أي نحن زهران وطينا فعايل تذهب العقول
ودمسنا الصور والعسكر ورحنا جوف دار الموسى
وحوالي بيت ابن فوزان وطينا سحايني
والنهار اعطينا وخذنا دون شبرقه
خل قِتْلِه وقعت من رهوة البرّ لا صفا عجلاني
والجنايز جوف (وادي قوب) لو من داسها تنداسي
ماصدرنا لين مات الباشه والمطرح خلاص باح

فموضع قوب وادي وليس جبال ولا يصح أن يحرّف جغرافيا من وادي إلى جبال!! وكذلك قال الدكتور علي ناصر غالب المحقق والمذيل لكتاب شعر الشنفرى لمؤرج السدوسي والذي اشرف على طباعته حمد الجاسر ( في الأصل “قومي” والصواب من “عيون الأخبار” و “الوحشيات” و “الطرائف الأدبية” ) وعند العودة لما ذكر الدكتور علي ناصر وجدت أن الصواب كما قال في (قومي) هو (قوّ) وعلى سبيل المثال جاءت الكلمة في كتاب عيون الاخبار لابن قتيبة (قوّ) وعلّق على ذلك حمد الجاسر في فهارس الكتاب العامة بعد أن أورد البيت بلفظة (قوٍّ) وقال (أنه كذا ورد البيت في “الطرائف الأدبية” ذاكرا المصادر التي أوردته) ثم قال (وإسم قوّ يطلق على مواضع منها وادٍ يقع في شمال القصيم كان يمر به طريق الحاج من العراق ومنها وادٍ عظيم يمتد غرب تيماء ومنها مواضع اخرى أما جبال قوّ فلم أرى لها ذكراً في بلاد السراة موطن الشنفرى وما أكثر المواضع التي ذكرها الشعراء المتقدمون وأصبحت مجهولة الآن!)

ولعلّي أختصر هذا المبحث بهذه النتائج:
– الشنفرى ليس من زهران بل من الاواس
– سلامان الذين دارت أحداث قصة الشنفرى معهم ليس سلامان بن مفرج بن عوف بن ميدعان بن مالك بن نصر بن الأزد ولا هم بنو سلامان بن يشكر بن مبشر بن صعب بن دهمان بن نصر بن زهران بل هم بنوا سلامان بن مفرج بن مالك بن زهران وهم اليوم بني جندب وبني بشير على ما أرى.
– بنو شبابة وبنو فهم الذين وردوا في قصة الشنفرى هم من قيس عيلان وليس من زهران.
– الشنفرى قتل في بيدة ولم يدفن وما جاء في حلقة الدكتور عيد اليحيى مغالطات .
– يؤيد أكثر ما ذهبت إليه كثير من مؤرخي القبيلة .

[SIZE=”7″]أما قائمة المراجع التي اعتمد عليها في ما قدمت من رأي فهي كالتالي:
[/SIZE]- مخطوطة شرح شعر الشنفرى الأزدي لمحاسن بن إسماعيل الحلبي تحقيق وشرح الدكتور خالد عبدالرؤوف الجبر
– شعر الشنفرى الأزدي لأبي فيد مؤرج بن عمرو السدوسي تحقيق وتذييل الدكتور علي بن ناصر غالب وراجعه الدكتور عبدالعزيز بن ناصر المانع وأشرف على طباعته العلّامة حمد الجاسر
– الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني
– عيون الأخبار لابن قتيبة الدينوري
– نسب معد واليمن الكبير لابن الكلبي
– التعليقات والنوادر عن أبي علي هارون بن زكريا الهجري وترتيب حمد الجاسر
– الأنساب للعلّامة أبي المنذر سلمة بن مسلم العوتبي الصحاري تحقيق محمد إحسان النُص
– القصائد الحسان لبعض شعراء غامد وزهران في العصرين الجاهلي والإسلامي جمع وترتيب علي بن محمد بن معيض بن سدران الزهراني
– المعجم الجغرافي للبلاد العربية السعودية بلاد غامد وزهران تأليف علي بن صالح السلوك الزهراني
– غامد وزهران السكان والمكان تأليف علي بن صالح السلوك الزهراني

[CENTER][IMG]https://www.albahanews.info/contents/useruppic/1_PjUVhWATmAkH4a0F.jpg[/IMG][/CENTER]

[CENTER][IMG]https://www.albahanews.info/contents/useruppic/1_bbeCbqV6CEwB6tfN.jpg[/IMG][/CENTER]

[/JUSTIFY]

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين 
    وردت لي رسالة من صديق فاستبشرت خيرا ، فعند قراءتي لها كنت اتمنى أنني لم اقرأها ، نعم لقد صدق الاخ/ عبدالهادي بأن برنامج على خطى العرب أخطأ في بعض ماورد منهم عن الشنفري ، ولكن ابن حربي أتى بالكارثة، فكل ما أورده هو من نسج الخيال ولعل من يقرأ ماقيل من خلال ماذكره بالمنشور سيجد الكثير من المغالطات والتناقضات ، لازال ابن حربي يعسف بالنصوص التاريخية ويؤول المعاني كما يشاء واستغرب من الإخوة بالصحيفةنشر مثل هذه المعلومات المتناقضة ، لايتعطلون المجال إلى تحقيق كل ماذكر أعلاه  والايام كفيله بإظهار الحقائق التاريخية والله المستعان
    محمد العسعوس

  2. يعني نوزع ورثنا التاريخي بين القبائل عشان يرضون لا يحق لك أخي أن تقرر أنه ليس من زهران الدكتورعيد باحث واظهر الكثير من الامور التي عجزنا نحن عن اظهارها من تاريخنا وكتفينا بالولائم وحب الظهور في توصل زهران وغيرها

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com