الفنان محمد عمر الصوت الذهبي .. الحاضر بحب

جدة – فواز المالحي
الفنان محمد عمر مطرب سعودي بدأ رحلته الفنية نهاية السبعينات الميلادية ، وحضي بدعم كبار الملحنين لموهبته الفريدة، ونال جماهيرية واسعة نقلته إلى المحافل العربية ، اهتم به كبار شعراء الوطن العربي وملحنيه، وقدموا طوقا من الفن الذهبي ، غيبته شركات الإنتاج ولكن محبي الفن الجميل اخترقوا أوزون الاحتكار وتناقلوا أعماله بحب حتى الآن .
الصوت الذهبي محمد عمر
انطلق لقب الصوت الذهبي على الفنان السعودي المعروف محمد عمر بين أكبر الشخصيات الأدبية والموسيقية في المشرق العربي، ولكن تورّع هذا الفنان أبعده عن حمل الألقاب والتنقل بها بين أوراق الصحافة والإعلام في تلك المرحلة ، لاسيما وأنه كان صوتا محببا في الخليج خاصة والعالم العربي عامة، وتمتع بجماهيرية عريضة، محبة لما قدمه من أعمال تراثية بطريقته وأسلوبه وصوته الممتلئ بالشحن والنغمات الخاصة ، وكان يبحث عنه الأدباء ويهتم له كبار الملحنين، ويخشى من منافسته كبار المطربين .
البدايات الجميلة
كانت شخصية الفنان محمد عمر، ابن القرية المهذب، مفطور على احترام الكبير والاحسان إلى الآخرين ، ودخل الوسط الفني من أوسع أبوابه وحضي بدعم كبير من مكتشف المواهب، الأمير عبدالله الفيصل رحمه، الذي نقله في عُمر مبكر على يد كبار الملحنين، مثل عبدو مزيد وسامي احسان و عمر كدرس، إلى وسط الفرقة الماسية في القاهرة وهو في عمر 14 سنة ، وقدم أعمالاً غنائية عريضة، ولكن مفاجأت الوسط الفني والمنافسات جعلت محمد عمر اسما منفردا بشخصيته ولونه وطريقه الخاص .
الشخصية الفنية
كوّن الفنان محمد عمر شخصيته الفنية وقدم أعمالاً نوعية تدرج بين الأغنية العريضة المكبلهة في نهاية السبعينات والثمانينات ، حتى واكب ريادة الأغنية الخليجية في تسعينات إلى بداية الألفين . وخلال تلك الفترة تنقل بين شركات الانتاج العربية وأحيا عشرات الحفلات الموسيقية في السعودية وسلطنة عمان وقطر والإمارات والكويت والبحرين والعراق والشام وتونس والجزائر وليبيا والمغرب وكذلك في بعض دول العالم ، لاسيما وأنه افتتح مؤسسته الخاصة “بانورما و صدى الشرق” التي قدم فيها انتاجا مختلفا ورائعا له ولغيره من المطربين .
الأضواء والنجومة
لم يكن الفنان محمد عمر مغنٍ تقليدي ، بل يتمتع بشخصية وكاريزما فنية خاصة، جذب الأضواء تجاه نجوميته وشخصيته العفوية ، كرّس سنوات من حياته الفنية في رعاية والدته، وكان مقلًا في الحضور الإعلامي والفني، لذلك السبب الذي بدأت وسائل الإعلام والجماهير في ملاحقته ومحاصرته في المحافل الخاصة، وأمام منزله وعبر وسائل الهاتف لسنوات ، ولكنه أستمر في الغياب لتلك الأسباب السابق ذكرها ، الصوت والأداء وأسلوب الغناء الجديد على الساحة الفنية الذي حضر به محمد عمر كان مختلفا ، مزج أصالة الألحان التراثية وأغاني الدانات والمجس القديم بأفكاره الحديثة وصوته الشبابي الذي يتمتع بذبذبات خاصة .
الأرشيف المجهول
قدم محمد عمر عشرات الأعمال الغنائية المصورة بين حفلات وجلسات وتسجيلات خاصة عبر محطات تلفزيونية مثل ART و أوربت ، وهي التي كان النصيب الأكبر في تقديم المحتوى الفني التلفزيوني في مرحلة التسعينات الميلادية والألفين .
ولكن سرعان ما أختفت من الأرشيف ولم تذاع إلا مرة واحدة ومنها مالم يذاع حتى الآن ، وأتى ذلك الاختفاء المجهول بعد دمج الشركات وعمليات الاستحواذ . أما الحفلات التلفزيونية فهي كذلك ذهبت أدراج الرياح وبالأخص ماكان في عناية MBC وكذلك التلفزيون السعودي ، حفلات جدة وأبها وبقية حفلات السعودية في تلك المرحلة من 1997م حتى 2008م تقريباً .
إضافة إلى سحب عدد كبير من الأغاني المسجلة لصالح شركات الانتاج واحتكار حقوقها وعدم خدمتها بالبث واذاعتها ، وبقي الأمر بين يدي المجتهدين من الإذاعات والمحطات التي تهتم بالفن النوعي وتعيد بثه .
الواقع الفني الآن
حضي الفنان محمد عمر بعناية واهتمام من وزارة الثقافة التي حرصت على توثيق أغاني الفنان التي خارج دائرة الاحتكار وسجلتها وأرشفت عددا منها فاق الـ 300 أغنية خارج الاحتكار، ووثقت صور شخصية وقصص فنية ونسخ حصرية يحتفظ بها الفنان على أن يتم نقلها إلى أرشيف وزارة الثقافة ومعارضها الثقافية والفنية التي تأتي ضمن مشاريع وزارة الثقافة ورؤية المملكة العربية السعودية التي تعتني بكل ما يمثل الوطن .
وكان لمعالي المستشار تركي آل الشيخ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه لمسات كريمة مستمرة في تقديم الفنان محمد عمر واعادته للغناء على المسرح ودعوته إلى محافل الترفيه وتجسير العلاقة والاهتمام بتفاصيل الفنان من قبل معاليه وفريق الهيئة، ويستعد محمد عمر للظهور القريب ضمن حفلات الترفيه .
قدم الفنان محمد عمر آخر البوماته الرسمية مع الشركة المحتكرة عام 2004م وتوقف عن الانتاج وبقي على حضور الحفلات وتقديم الجلسات حتى 2011م وفي مطلع 2015م عاد بحزمة من الأغاني السينقل والتي بقي يقدم كل ستة أشهر عملا إلى ثلاثة أعمال في العام الواحد . وتزامنت مع ثورة وسائل التواصل الاجتماعي التي استمرت حتى الآن في تناقل تلك الأعمال الجديدة وحققت مشاهدات مليونية ، مما حفز المستمع على البحث واعادة ارشيف الفنان من جديد، عبر تلك المنصات الحديثة مخترقين حجاب الاحتكار والانحياز .
الماضي الجميل
يصنف الكثيرون صور وفيديوهات وأغاني الفنان محمد عمر على أنها مرتبطة بالماضي، لكن الحقيقة أن بدايته المبكرة في عمر 14 عاماً نهاية السبعينات جعلته يبدو وكأنه من جيل قديم في منتصف الألفية الجديدة. ومع ذلك، كان واحدًا من فناني الصف الأول وسجل حضورًا بعد طلال مداح ومحمد عبده وعبادي الجوهر.
اقترنت الذكريات السمعية والبصرية بشكل خاص ببرامج الفضائيات التلفزيونية مع أغاني الفنان محمد عمر، حيث كان برنامج شريط المنوعات في التلفزيون السعودي يعرض بانتظام أغانيه المصورة. أغنية “وسم على ساعدي، نقش على بدني” حيث كان لها وجود بارز في الموسيقى الوطنية بجانب الأغاني العاطفية الخالدة التي ترسخت في ذاكرة الجمهور.
السوشل ميديا
محمد عمر، الفنان، يسجل أغانٍ وصورا وفيديوهات على وفير عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يُجدّد المحبين له هذه المحتويات بتحسين الصور وتعديل الصوت على الفيديوهات، كما يعمل على تجديد أغانيه في شكل جديد. حققت أغنيته الحديثة التي أصدرها في منتصف عام 2016 أكثر من 5 مليون مشاهدة على تيك توك خلال عام 2023. ويبقى هذا الفنان محبوبًا في قلوب الناس، فهو يحتفظ بشعبيته وصوته الذي لم يتغير على منصات تيك توك عبر حسابات معجبيه.
الثناء الجميل
لم يختلف رواد الوسط الفني ونجومة من موزعين موسيقين وملحنين وشعراء وكبار الفنانين على موهبة وصوت الفنان محمد عمر ، وجدارته الفنية في اجادة الغناء العامي والفصيح ، اثنى عليه الفنان الراحل طارق عبدالحكيم بعد ان غنى له أغنية ياريم وادي ثقيف.
وأصبح الموسيقار طارق يؤديها بطريقة محمد عمر ، وسامي احسان الذي اغدق عليه بالألحان والمحلن الكبير عمر كدرس وغازي علي، وأشاد بموهبته الفنان الكبير طلال مداح الذي منحه ألحانا ، وقال عنه محمد عبده إن هذا صوت قوي ومنحه ايضاً لحنا في بداياته، وكان أبو بكر سالم من المحبين له، وزاره في منزله الفنان الكبير محمد مرشد ناجي ، وغيرهم من الملحنين في المغرب العربي.
وحضي بنصوص من كبار الشعراء مثل عبدالله الفيصل وخالد الفيصل وبدر بن عبدالمحسن وخالد بن سعود الكبير وفهد بن محمد ، وكان له تجارب كبيرة وثناءً من الفرق الموسيقية والموزعين مثل هاني مهنا ومحمد الموجي ومختار السيد