آراء و تدوينات

ذكريات مغترب – 1

يوسف أبو عواد

وكان لي الشرف حين فكرت في الاغتراب عام 1976م، أن تكون  وجهتي المملكة العربية السعودية، حيث أمضيت فيها أربعة عقود، عملت خلالها في قطاعين أساسيين متفرغاً، هما التعليم،  والعمل الخيري.

  فيما أتيح لي العمل في العديد من القطاعات متعاوناً، ففي منطقة نجران عملت معلما بمدرسة بلال بن رباح بالشرفة لمدة عامين، وفي مدرسة القدس بالفيصلية (الصعيد) أربعة أعوام، وكنت خلال هذه الفترة إلى جانب عملي الأساسي بالتعليم، أتعاون مع الأخت حياة عبد الحميد عنبر يرحمها الله، كاتبا في صفحات المرأة، التي كانت تشرف عليها في صحيفة عكاظ.

 وبعد ستة أعوام عمل بنجران، انتقلت لمنطقة الجوف، حيث عملت معلما في مدرستي النهضة، وابن خلدون بمدينة سكاكا، حاضرة منطقة الجوف لمدة ثلاثة أعوام، وفصل دراسي واحد، قبل أن يستقطبني معالي الأمير سلطان بن عبدالرحمن السديري أمير منطقة الجوف الأسبق، يحفظه الله، للعمل بجمعية البر الخيرية، حيث كان آنذاك وكيلا لإمارة منطقة الجوف، وهكذا تفرغت في العام 1985م، مديراً عاماً لجمعية البر الخيرية بالجوف.

وفي بداية عملي بمنطقة الجوف استمر تعاوني مع الأخت حياة عنبر، ولكن هذه المرة في مجلة المنهل، وكان مقالي الشهري فيها بعنوان (أوراق زوجية)، إلى جانب تعاوني مع مجلة الشرق بالدمام كمراسل لها بمنطقة الجوف.

 وحصل في العام 1982 أن استضاف المكتب الرئيسي لرعاية الشباب بالجوف الدكتور عبدالله مناع رئيس مجلة اقرأ، يرحمه الله، لإلقاء محاضرة بمنطقة الجوف، عن الأدب وأثره، في تنمية وتطوير المجتمعات، والتقيته لإجراء لقاء صحفي معه لحساب مجلة الشرق، ولا أدري ما الذي لفت انتباه في شخصي المتواضع ليشرفني رحمه الله لأكون محررا متعاونا بمجلة اقرأ، ومراسلا لها بمنطقة الجوف، حيث استمريت متعاونا تسعة أعوام.

وبانتقالي عام 1998م للرياض، مديراً لمكتب الأمانة العامة لجمعية الأطفال ذوي الإعاقة، ثم مستشاراً، اتسعت دائرة علاقاتي، ما أتاح لي التعاون مستشاراً غير متفرغ مع العديد من

الجهات، أهمها؛ مؤسسة رامتان، مؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله لرعاية الموهوبين، (موهبة)، لجنة رعاية السجناء بالرياض، جامعة الأمير سلطان، شركة معارض الرياض، الغرفة التجارية الصناعية بمنطقة الرياض، مكتب الفلاج للمحاماة، مجموعة الحكير، شركة ميدغلف. 

 واضطرتني ظروف عائلية، وعلى غير ما أرغب، لتقديم استقالتي، ومغادرة الرياض في أكتوبر 2020م.

 بدأت حياتي بالمملكة في عباءة مغترب، وبمرور الوقت وتوالي السنون، بنيت علاقات وطيدة مع الناس والأماكن، يقال: من عاشر القوم أربعين يوماً صار منهم، فكيف بمن عاشر القوم أربعين عاماً، بمرور الوقت خلعت عباءة مغترب، ولبست (مزوية الجوف)، أشارك الجوفيين مناسباتهم، وأسهر في مشباتهم، واعتبروني جوفيا منهم، وشعرت أنني لو لم أكن جوفيا بالمولد والنشأة، أنني جوفي بالولاء والانتماء، وفي الرياض أتيح لي أن التقي بالأمراء والوزراء، والأدباء والوجهاء،

لم أشعر في المملكة أنني وافد كما يقال، بل واحد من أبناء البلد، حتى أن معالي الدكتور والشاعر الكبير الدكتور إبراهيم العواجي، قال لي ذات مرة  نعتبرك واحدا منا بولائك ووفائك وانتمائك.

لهذا فإنني وبعدما عدت لوطني، لقوم انقطعت عنهم سنين طويلة، وتركت سربي الذي أمضيت 40 عاما أغرد فيه، شعرت أنني مغترب في وطن المنشأ، مغترب في بعدي عن وطن الفته وشعب أحببته، ففي الجعبة ذكريات حنيني إليها يؤرقني ويتعبني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com