ثقافة و فنمقابلات وتقارير

حسين الغامدي: الجن في قريتنا لم يؤذوني مثل البشر، وإذا توقّف الناس عن كتابة القصة سأتوقف معهم

حوار – مريم الحسن:

القاص (حسين بن صبح الغامدي)، ضيف حوارنا الرمضاني الليلة، وهو الحوار الذي نقترب فيه من حياة وفكر ضيوفنا عبر أكثر من نافذة، نقلب فيها أوراقهم، وننصت لتجاربهم، ونجعل من أيام وليالي الشهر الفضيل مرتكزًا لبعث الذكريات، المتصلة بفن القصة القصيرة …..

هذا الحوار تم بالتشارك مع “ملتقى القصة القصيرة الإلكتروني”.

ماهي قصتك مع الأساطير، والقصص الشعبية الرمضانية في منطقتك، وكيف كتبت عنها؟

لم أكتبْ عنها!

رغم أنني عشتُ بينهمْ.. عندما كنتُ أذهبُ إلى صلاة الجمعة في الدار القديمة أحتاجُ المرور من مسراب مليء بالجنّ، عينُ الدرجة المجاورة لمدرستنا والتي كنا نتوضأ فيها كانت مليئة بالجنّ، تحت خيطان العرعر يتبطح الجنّ بكثرة، الدار القديمة التي هجرها أغلب سكّان القرية استوطنها الجنّ، ليل القرية طويل.. والجنّ يستغلونه بكامله، يلعبون ويرتعون.

في ليلة رمضانية قيل إنهم اجتمعوا في منزل جديد خال من السكان في طرفِ القرية، لعبوا بالنار يرفعونها عاليًا ثم يرفعون أصواتهم معها “هييييي” واستمرت حفلتهم حتى حزّة السحور، تناقل أهالي القرية الخبر خوفًا، وهم يرددون البسملة. بعدما تمت اضاءة الطرقات، غادر الجن إلى الأبد. كانوا طيبين؛ لم أتلقَ منهم أذية بقدر ما تقليتها من بني جلدتي ….!

رمضان محفز للكتابة، هل من (ق ق ج) لك عن أجواء الصيام؟

انتهاك

ق_ق_ج

الطقس غائم، الآبار ممتلئة بالمياه، أشجار الذرة في أوج ارتفاعها، روائح عبقةٌ تنشرها النباتات، أنواع الطيور تحوم! الوقت بعد العصر، عدد من أهالي القرية في مزارعهم المتجاورة… فجأةً تتسرب رائحةٌ غير محبّبةٍ من قلب أشجار الذرة! رائحةُ التبغ تنتشر في الوادي. يتحدث الأهالي لاحقًا عن الستيني الذي أشعل سيجارته في نهار رمضان!

حسين بن صبح

.

2 14

ثمة مواقف “غير متوقعة” صادفت مسيرة صيامك، فيها عبرة أو طرفة، هل تشاركنا إياها؟

حدثت لقريب لي.. مع بداية عهده بالصيام بدأ النهار وتذكر أنه لم يشرب، وظل يدعو الله أن يشرب ناسيا، شقيقه الصغير ظلّ ملازما له. يتنقل في ارجاء المنزل الفسيح والمزارع المجاورة وشقيقه يراقبه. قبيل العصر حان وقت النسيان، أقترب من الحنفية.. مد يده، قرّب فمه من الماء.

صاح به شقيقه الصغير؛ توقّف أنت صائم.. التفت إليه، ونهره غاضبًا، ثم ضربه كما لم يضربه من قبل، وأكمل صيامه يعاني من العطش والحنق.

3 11

ماهي تجربتك مع قصص الفانتازيا كتابة؟

النص الأخير الذي كتبته وتم نشره في فقرة “تحت المجهر” بعنوان “بعض يوم” عدد من تعليقات المبدعين تضمّنت كلمة “فانتازيا” بينما خطر على ذهني أنه ليس فانتازيا، وذهبت إلى قوقل أبحث في معنى هذه الكلمة. لم يسبق لي! ولم أكتب إلا بما أشعر به. عندما أراجع كتاباتي السابقة أهمل تلك التي يقلّ إحساسي بها، وقد احذفها وكأنها لم تكن.

4 4

في عالمك الشخصي، كيف تمضي تعاملاتك مع الأسرة والوقت وأصناف الطعام في رمضان؟

الإفطار مع الأسرة يحمل نكهة مميزة، ومائدة إفطار رمضان أشهى الموائد كيفما كانت، وألذ ما فيها حساء نباتي تعده زوجتي. وعلى المستوى الشخصي فقد تصالحت مع رمضان، ثلاث حبات تمر وقارورة ماء وحبة برتقال، أضعها في الحقيبة مع اللبس الرياضي، وقبل المغرب اتجه إلى النادي، أتنقل بين الآلات والأجهزة الرياضية والمسبح ومرفقاته. وعندما أسمع الآذان أفطر هناك، أجد متعة كبيرة في هذا السلوك، كلّما قل الطعام كلّما زادت لذته. تغيير بعض العادات أو التوقف عنها اعتبره انجاز. الإفطار في داخله مكافأة كبيرة؛ أحيانًا أشعر أنني لا استحقها، لم أبذل الجهد البدني أو الذهني اللازم ولا حتى الاجتماعي، لذا أحاول التعويض، وعندما لا يسعفني الوقت اكتفي بقارورة ماء.

وقد أتناول الإفطار مع الأصدقاء والبحر بجوارنا، مشاركة الرفقة بمثابة مكافأة مضاعفة، أتقاسم معهم لذة الإفطار والبهجة.

5 1

تواجه القصة القصيرة تحديات وجودية، كيف ترى هذا التحدي، وما واجب كتّابها لتعزيز مكانتها؟

لا أتعامل مع القصة كما أتعامل مع فريقي، لا أهتف لها كثيرا، هي هواية قربتني من أرواح جميلة، وعرّفتني على عدد وافر من البشر. لو توقّف الناس عن كتابتها سأتوقف معهم، وأبحث عن هواية بديلة.. رغم أن القصة هواية محببة تشغّل الذهن والعاطفة والروح، ونلعب من خلالها بالثمانية وعشرين حرفا.

لا أعتقد أنه سوف يأتي اليوم الذي تنقرض فيه القصة تماما.. سيبقى عددٌ يحكون الحكايات ويقصون القصص ويتفننون في سردها، ويشعرون بالتميز من خلالها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com