حصة البوحيمد: جماليات رمضان في لمّة الإفطار، وآفة القصة السوشل ميديا

حوار – مريم الحسن:
القاصة (حصة سعد البوحيمد)، ضيفة حوارنا الرمضاني الليلة، وهو الحوار الذي نقترب فيه من حياة وفكر ضيوفنا عبر أكثر من نافذة، نقلب فيها أوراقهم، وننصت لتجاربهم، ونجعل من أيام وليالي الشهر الفضيل مرتكزًا لبعث الذكريات، المتصلة بفن القصة القصيرة …..
هذا الحوار تم بالتشارك مع “ملتقى القصة القصيرة الإلكتروني”.
ماهي قصتك مع الأساطير، والقصص الشعبية الرمضانية في منطقتك، وكيف كتبت عنها؟
رمضان شهر الرحمة والروحانية شهر مغاير لأشهر السنة تتغير فيه كل العادات والروتينيات اليومية، وتنتشي أرواحنا بذلك التغيير، وقد انغرست تلك الدلالات الروحانية في نفوسنا منذ الطفولة … أتذكر أمهاتنا كنَّ يمتنعن عن الزينة في نهار رمضان لأنه لا يجوز على حد فهمهم في ذلك الوقت فترى المرأة شعثاء غبراء وكأنها في عزاء.. واقتدينا بذلك حين كبرنا فترة من الوقت حتى أدركنا عدم صحة ذلك
وقد حرص أهلنا على تدريبنا على الصيام في سن مبكرة مع التجاوز عن فلتاتنا وإيقاظنا للسحور رغم غلبة النوم، وأجمل ما في ليالي رمضان صوت المدفع ولمة الإفطار واللعب مع بنات الحي بعد الإفطار، وجارتنا التي تزورنا بحكاياها وكنت أعشق القصص رغم ما فيها من إرهاب وإرعاب فبطلها السعلي، وشخوصها الجن في كثير من الأحيان
وقد استغلت أختي الكبرى الموكل لها غسل المواعين حبي للقصص (طبع الأسر قديماً توزيع أعمال البيت على البنات والأم تشرف)
وقتها كنت صغيرة فكانت تغريني بقولها اغسلي معي وأحكي لك قصة، فتتركني أغسل المواعين وهي تحكي حكايا ملفقة وملخبطة، المهم أن تخلص المواعين ههه
رمضان محفز للكتابة، هل من (ق ق ج) لك عن أجواء الصيام؟
رمضان بأيامه ولياليه أنس وحياة نعيشه واقعاً أكثر منه كتابةً وقد كتبت نص قصة قصيرة بعنوان (هناك فؤادي) وقصة قصيرة جداً ( ق.ق.ج) بعنوان:
(مفارقة)
حين ثبت هلال رمضان انهالت عليها رسائل التهنئة والمكالمات من أبنائها ومعارفها وصديقاتها وحين الإفطار أعدت لها الخادمة تمرة واحدة، وكوب عصير وطبق شوربة، وصوت التلفاز يقرع صمت المكان.
ثمة مواقف “غير متوقعة” صادفت مسيرة صيامك، فيها عبرة أو طرفة، هل تشاركنا إياها؟
المواقف كثيرة يحضرني منهما موقفان لازلت أتذكرهما أحدهما مضحك والآخر مؤلم
الموقف المضحك كان قديماً وأنا صغيرة كنا حول سفرة الإفطار ننتظر الآذان ومعنا إحدى معارف أمي وكانت تمسك بتمرة وتعبطها تجهيزاً لأكلها بعد الآذان ولكنها نسيت ووضعت التمرة في فمها فصرخنا أنا وإخوتي (ماهي صايمة .. ماهي صايمة) وغصت المرأة بالتمرة من الصدمة وعلى أثر هذا التصرف تلقينا تعنيفاً من والدتي، وكدنا نطرد من السفرة لولا تدخل المرأة
والموقف المؤلم كان قريب من وقتنا الحاضر كنت ذاهبة لمستوصف عندي موعد أسنان بعد صلاة التراويح وعند دخولي كان هناك حدث مربك، رجل يبدو أنه قد تجاوز الخمسين محمول على كرسي، وواضح أنه في حالة مرضية طارئة تستدعي التدخل السريع، وقد رفض المستوصف استقباله لإمكانياته المحدودة، ولم يكن مع هذا المريض إلا سائقه الخاص وهو مرتبك ومحتار لا يعرف كيف يتصرف وكلامه مكسر وغير واضح والهاتف معه يتصل ولا أحد يرد عليه من أبناء هذا المريض، دخلت عند طبيب الأسنان ولا زالت لجة الحدث مستمرة
هذا الموقف عجزت مشاعري أن تتجاوزه حتى هذه اللحظة
ماهي تجربتك مع قصص الفانتازيا كتابة؟
الفانتازيا خيال مبدع وجنس أدبي قائم بذاته وقد كتبت نصاً واحداً عن هذا النوع ولكنني لا أميل لقصص الفانتازيا كثيراً وخاصة التي تحتوي على العنف والقتل ومص الدماء
وهناك قصص فانتازية لها صدى معرفي رغم أنها خيال مثل فانتازيا الخيال العلمي وقد شدتني رواية (الجن يستطيعون الرقص أيضاً) فرغم فنتازيتها إلا أنها أفادتني بمعرفة واسعة عن هذا العالم السحري
في عالمك الشخصي، كيف تمضي تعاملاتك مع الأسرة والوقت وأصناف الطعام في رمضان؟
نصوم نهاره فنحقق مبدأ صوموا تصحوا، ونتحلق حول مائدة الإفطار فنحقق الألفة ولم الشمل والقهوة والشوربة واللقيمات والسمبوسة هي سيدة السفرة
وعادتي أفضل الإفطار في بيتي ولا أقبل أي دعوة للإفطار
نصلي التراويح فنحقق الروحانية ونصل إلى نهايته رمضان وقد ختمنا القرآن بفضل الله وكرمه
ونحيي ليله في التواصل الاجتماعي بين الأهل والأقارب بقدر الاستطاعة، ولمتابعة التلفاز وبعض المسلسلات نصيب من وقتي والتسوق في نهاية رمضان استعداداً للعيد، وتقل قراءاتي وكتاباتي في رمضان
وها هي أيام رمضان ولياليه الأنيسة تمضي سراعاً نسأل الله لنا ولكم القبول
تواجه القصة القصيرة تحديات وجودية، كيف ترى هذا التحدي، وما واجب كتابها لتعزيز مكانتها؟
القصة القصيرة ذات تاريخ تجاوز القرن وهي موجودة رغم التحديات وإن توارت أو فترت بمعنى أصح فهذه مسألة نسبية فكل فن من الفنون الأدبية قد يأتي وقت يتراخى فيه عن الحضور ثم يعود إلى الساحة
فقد كانت القصة في الثمانينات متقدمة على الرواية، وقد اشتغل عليها النقاد وعقدوا لها الملتقيات، وفي السنوات الأخيرة اجتاحت الرواية الوسط الثقافي وكثر قراؤها مما أشغل النقاد بها، وليس معنى هذا أن القصة غائبة عن الساحة بل هي الفن المتوافق مع سرعة الزمن، ومع السوشل ميديا الحديثة ولكن كثرة كتابها بلا دراية في وسائل التواصل بالتأكيد سيؤثر على جودتها الفنية
ولكتاب القصة دور مهم في بقاء هذا الفن السهل الممتنع، بالبعد عن التعقيد اللغوي والفيزيائية المغلقة في كتابة القصة لتصبح القصة مرنة انسيابية للمتلقي مع عمق الفكرة
وفي المقابل فالقصة كما ذكرنا من السهل الممتنع فاستسهالها يوقع في مصيدة السطحية وضعف الحبكة
وأكبر آفة لفنيات القصة هي السوشل ميديا إذا غاب الرقيب أو الناقد