مقالات

ميثاق غليظ

أميمة عبد العزيز زاهد

الحياة الزوجية ليست أحلامًا وردية، بل عبادة ومسؤولية وميثاق غليظ. هي مودة ورحمة وسكن، ورعاية متبادلة بين الزوجين، فيها بذل وصبر وعطاء، وليست ساحة لفرض القوة أو استعراض النفوذ.

الزواج تكامل وتعاون، يقوم فيه كل طرف بدوره؛ فالزوجة بأنوثتها وحنانها، والزوج بقيادته ورعايته. والمعروف أن الحقوق بين الزوجين ربانية المصدر، فرضها الله لتبقى العلاقة قائمة على العدل والرحمة، لا على الأهواء والنزاعات.

لكن الواقع اليوم يكشف عن نسب طلاق مقلقة، وأسباب متكررة: غياب المسؤولية، ضعف الحوار، عدم تقبل الأهل، غياب الالتزام الديني، الانشغال بالشهوات أو المظاهر. إنها أسباب متفرقة لكن نتيجتها واحدة: هدم البيوت وتشريد الأسر.

ولهذا جاءت فكرة الدورات التأهيلية للمقبلين على الزواج، فهي ليست ترفًا بل ضرورة، تساعد على فهم الحقوق والواجبات، وتمنح المتزوجين وعيًا يعينهم على مواجهة العقبات. لكن المؤسف أن كثيرًا من الرجال لا يتحمسون لها، وكأنهم فوق التعلم، بينما النتائج تثبت العكس.

إننا بحاجة ماسة إلى مشروع مجتمعي جاد: دعم الأسر، نشر الوعي، وتضمين وثيقة للحقوق بين الزوجين تُرفق بعقد النكاح، ليعرف كل طرف ما له وما عليه، وليبقى الميثاق واضحًا أمام الله والناس.

إن الزواج ليس لهوًا ولا عادة اجتماعية، بل هو عبادة ومسؤولية عظيمة، وأمانة غليظة استحلها الناس بكلمة الله. ومن قصّر في أداء حقها، أو فرّط في رعايتها، فقد عرّض نفسه لحساب عسير أمام الله قبل أن يلومه المجتمع. فالزواج ليس مجرد حب عابر أو مصلحة مؤقتة، بل هو امتحان للصدق والإخلاص، وميدان يُظهر معادن الرجال والنساء.

فليتقِ اللهَ كل زوج وزوجة، وليعلموا أن البيوت لا تبنى على الأهواء، وإنما على تقوى الله والعدل وحفظ الأمانة. فمن ضيّع ذلك، ضيّع نفسه وأهله ومجتمعه.

قال تعالى: «وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ»

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com