موعدي أن أشرب القهوة معك هذا الصباح

حياة الرايس
كيف يصبح هذا الخريف سيّد الفصول؟
كيف أحتفي به هذه السنة احتفاء خاصا؟، كيف أدخل بخشوع عتمة أمسياته؟، والرمادي يلف سماءه وغيماته الداكنة وحفيف أشجاره، وهي تدخل عتمة الليل عبر عتبة عشيّاته.
كل هذا يجعلني أدخله، كما أدخل معبدا من تلك المعابد القديمة، التي تضيء من أجلنا أنوار شموعها. وتباركنا زيوت قناديلها.
أدخل محراب هذا الطقس، كما دخلت محراب حبك يوما..
كانت الشمس في ذلك اليوم تنتظرني على شرفات المنازل لتحملني إليك.. فتحت خزانة ملابسي، لبست ثوبا بلون أشجار الخريف الأرجوانية.
موعدي أن اشرب القهوة معك هذا الصباح.
كان عطرك يومها كعبق الشجر المبلل، ورائحتك كرائحة الأرض بعد المطر، ولون عينيك كان يومها زبرجدًا بحريا، ساكنا، تحت دفء شعاعات الشمس المتكاسلة على صفحة الماء البعيد.
إنها ساعة الشروق الأول قبل السفر…
هل كان الشروق الأول أم الأخير؟
وهل أبدأ قصّتي معك قبل الرّحيل أم بعد الرحيل؟
كانت الشجرة تسقط عنها أوراقها أمام عينيك، تتجاذبها أطراف الهواء في كل الاتجاهات تتعثّر تتبعثر في سقوطها…. واحدة تحطّ على فنجان قهوتك.
تضحك وتقول:
«استهوتها رائحة القهوة»
تسقط أخرى وتحطّ على كتفك ثم تتدحرج على رقبتك..
تربكني الغيرة أمسك عن الكلام خشية أن تفضحني الغيرة:
أتغار امرأة من ورقة؟
ودون أن أتفوه بأي كلمة تحضنني عيناك فأغيب في تموّجات الزبرجد البعيد …
…………….
من ديواني:”أنثى الريح”
أدب الرسائل