تدوينات

الخطر الخفي على الإخلاص

أميمة عبدالعزيز زاهد

الرياء هو أن يعمل الإنسان عملًا صالحًا لا لوجه الله، بل ليُرى من الناس ويُسمع به. وهو خلقٌ مذموم يُفسد النية ويفرغ العمل من جوهره، لأن الأصل في كل طاعة أن تكون خالصة لله وحده.

أما من يعمل الخير ابتغاء وجه الله، ثم يظهره الله للناس فيُثنون عليه، فذلك من عاجل بُشرى المؤمن. كما قال النبي ﷺ:

“قيل لرسول الله ﷺ: أرأيتَ الرجل يعمل العمل من الخير، ويَحمده الناس عليه؟ فقال: تلك عاجل بُشرى المؤمن”

أي أنها علامة خير في الدنيا، تُبشّر بعاقبة طيبة في الآخرة.

فثناء الناس لا يضر من أخلص نيته، ولا يُنافي الإيمان أن يفرح الإنسان بحسناته؛ بل هو دليل عليه، فقد قال ﷺ:

“من سرّته حسنته، وساءته سيئته، فذلك المؤمن.”

هذا الحديث يعبر عن علامة من علامات الإيمان، وهي أن يفرح المؤمن بحسناته ويحزن لسيئاته

وعليه، لا ينبغي أن نترك العمل الصالح خشية الرياء، أو خوفًا من رؤية الناس لنا، فذلك من مداخل الشيطان الخفية. إذ يوسوس للعبد بأن عمله رياء، فيثنيه عنه، ويحرمه أجره، وهو بذلك يبعده عن دروب الخير.

ولذا قال الفضيل بن عياض:

“العمل من أجل الناس شرك، وتركه من أجل الناس رياء.”

وهو قول عظيم يدل على عمق الفهم.

فالذي يعمل لأجل الناس يُشركهم مع الله في نيته، أما الذي يترك العمل مخافة أن يُظن به الرياء، فقد راعى الناس وترك الإخلاص لله.

فالمطلوب هو الثبات على الطاعة بإخلاص، لا نتأثر بمدح ولا بذم، بل نُخلص لله، ونمضي في طريق الخير.

والإخلاص لا يعني دائمًا إخفاء العمل، فقد يُظهره المؤمن أحيانًا لتشجيع غيره أو ليُقتدى به، بشرط أن يأمن على نفسه من الوقوع في الرياء.

ومع ذلك، تبقى الخلوات والعمل في السر فرصة عظيمة لتدريب النفس على الإخلاص، وتربية القلب على الصدق مع الله. فكلما أخفيت عملًا صالحًا، وقصدت به وجه الله وحده، زاد نور الإيمان في قلبك، وقوي يقينك.

فلنجاهد أنفسنا بتجديد النية، وتذكّر الهدف، وسؤال الله القبول:

“يوم لا ينفع مال ولا بنون، إلا من أتى الله بقلب سليم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com