تدوينات

الرجولة… مقام لا يبلغه كل ذكر

أميمة عبدالعزيز زاهد

الذكورة خِلقة يولد بها الإنسان، فهي صفة جسدية تُسجَّل في شهادة الميلاد، لكنها وحدها لا تكفي لتصنع رجلاً. فالرجولة مقامٌ رفيع، لا يُنال بالسن ولا بالشكل، بل يُثبت بالصدق والمواقف وتحمل المسؤوليات.

في القرآن الكريم جاء لفظ الذكر غالبًا للدلالة على النوع البشري: ﴿وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى﴾ [النجم: 45]. أما الرجال فارتبط ذكرهم بالصفات العظيمة: ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ﴾ [الأحزاب: 23]، ﴿رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ﴾ [النور: 37].

الرجولة لا تعني القوة الجسدية فحسب، بل الصدق والوفاء، الصمود أمام الفتن، الشجاعة في قول الحق، وتحمل مسؤولية الأسرة والمجتمع. لذلك كان جميع أنبياء الله رجالاً، لأن الرسالة لا يحملها إلا أصحاب القلوب الصلبة والإرادات الصادقة.

ومن واقع حياتنا، نرى الفرق واضحًا قد يكون هناك أبٌ ذكرٌ يعيل أبناءه ماديًا، لكنه لا يشاركهم العاطفة ولا يمنحهم الأمان، بينما الأب الرجل يحضر في حياتهم حضورًا حقيقيًا، يسمعهم ويحتويهم ويزرع فيهم الثقة وقد نرى شابًا يرفع صوته ليثبت رجولته، بينما الرجل الحق هو من يملك زمام نفسه عند الغضب، فيصمت حين يجب الصمت ويتكلم حين يحين الحق وفي ميادين العمل الذكر قد يسعى للمنصب ليعلو على غيره، أما الرجل فيسعى ليُنجز ويخدم ويترك أثرًا نافعًا.

الرجولة مواقف، تُختبر في وقت الشدة أكثر مما تُقاس في الرخاء. وقديماً قيل: عند الشدائد تُعرف معادن الرجال.

فلنغرس في أبنائنا أن الرجولة لا تعني السيطرة ولا التعالي، بل هي مودة ورحمة، صدق وأمانة، صبر وتضحية. فالبيوت لا تُبنى بذكورٍ وإنما تُعمر برجال يعرفون أن القوامة تكليف لا تشريف، ومسؤولية لا تسلّط.

فالرجولة مرتبة يرفع الله إليها من صدق وأخلص، فمن لم يُقم للرجولة حقها عاش ذكرًا عابرًا، لا يُذكر إلا بسوء الأثر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com