حَجَلْ

محمد محسن الغامدي
والدي يستيقظ قبل أذان الفجر بلحظات، لا أدري أين يصلي الفجر، ربما في طريقه إلى الجبال البعيدة عن قريتنا.
يحمل بندقيته (الشوزن) وخراطيش الرش مخبأة في محزمه بعناية، كأنه ذاهب إلى حرب بين قبيلتين.
شمس الصباح الذهبية تستحق التأمل، لكن اهتمامه منصبّ على طيور الحجل التي ترد منهلًا صغيرًا.
يختبئ والدي قريبًا من الغدير…. لحظات وتقترب من الماء حجلة بصحبة فراخها.
بعد حذر وتلفّت يمنة ويسرة، تغرّد الأم تغريدة توحي بالأمان، فيقترب الصغار للشرب والاستمتاع بماء الغدير الرقراق.
كاد والدي أن يضغط على زناد بندقيته فيردي الأم وصغارها… لكنه لم يفعل.
أخذته عَبرة، ودمعت عيناه.
بعد لحظات، طارت الأم وصغارها.
انتظر أبي لساعتين دون أن يرد الماء أي طائر.
عاد إلينا قبل الظهر، وبندقيته على كتفه.
أول شيء فعله قبل أن يرتاح: ضمّني وأختي الصغيرة إلى صدره، وقبّلنا.
تعجبنا من هذه العاطفة الجديدة التي لم نعهدها في والدنا،
لكن بعد أن قصّ لأمّنا قصته مع الحجلة وصغارها…
عرفنا كيف أيقظ ذلك الطائر مشاعره نحونا.