محليات

سوق جدة التاريخي عطرٌ يروي الحكايات

الاتجاه- محمد بن مسعود العُمري:

منذ زمن بعيد، تُعرف جدة بمكانتها كميناء تجاري حيوي وملتقى لقوافل التجارة والحجاج. وبفضل قربها من مكة المكرمة، تُعتبر بوابة رئيسية ينطلق منها الحجاج إلى الأراضي المقدسة، مما منحها دورًا محوريًا في ربط الحضارات وتبادل الثقافات.

وعند دخولك سوق جدة التاريخي، تشعر وكأنك تتجول في قلب التاريخ؛ إذ تنبض أروقة السوق برائحة العود والمسك والعنبر، حاملةً معها حكايات التجار والمسافرين الذين تركوا بصماتهم في زواياه. هناك، تتجاور الدكاكين الصغيرة ذات الأسقف الخشبية مع الأسواق الحديثة التي ارتدت حُلة العصر، في مشهد يمزج بين أصداء الماضي وإيقاعات الحاضر، ليمنح الزائر تجربة لا تُنسى.

وفي قلب هذا المشهد العتيق، يقف أبو علي داخل دكانه “نفحة المسك”، بملامح يكسوها الود وخبرة امتدت لأكثر من أربعين عامًا. تحيط به زجاجات دهن العود والمسك وخلاصة الورود، تنثر عبقها الفريد وتحكي تاريخ المكان العريق. لا يقتصر سحر دكانه على العطور الفاخرة فحسب، بل يتجلى أيضًا في خلطاته الخاصة التي يعدّها بإتقان، فتغمر زبائنه بروائح زكية تشدّهم للعودة إليه مرة بعد أخرى. بابتسامة دافئة يقول: “رغم ما شهدته السوق من تطوير وتنظيم، إلا أنه لا يزال يحافظ على طابعه التراثي، ممزوجًا بروح الحاضر، مما جعله أكثر جذبًا للزوار وأعاد إليه رونقه الأصيل.” ثم يدعو زبائنه لاكتشاف كنوز العطور التي تحمل بين طياتها حكايات الماضي.

وهكذا، وأنت تتنقل بين أعواد البخور المتعانقة مع زجاجات العود والمسك، تدرك أنك لا تقتني مجرد عطر، بل تحمل معك عبق التاريخ وذاكرة المكان. فكل نفحة تروي حكاية، وكل رائحة تستحضر مشهدًا من الماضي، ليظل هذا الركن العتيق شاهدًا حيًا على تلاقي الحضارات ورحلة جدة الخالدة بين الماضي والحاضر.

IMG 20250314 WA0005

IMG 20250314 WA0003

IMG 20250314 WA0002

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com