المواطن وحماية حقوقه .!؟

أصبح فرض الرسوم والضرائب والغرامات أمراً عادياً ولم يعد المواطن يستغرب أن يحدث كل يوم رسم جديد أو ضريبة جديدة أو غرامة مستحدثة سواء كان ذلك على مستوى الوزارات والمصالح الحكومية أو شركات خدمات المرافق العامة. فالأمر سيان كل يسعى إلى اكتشاف سبيل جديد وحجة جديدة والمبررات العجيبة لوضع قناة جديدة من قنوات سحب الأموال من جيوب المواطنين . ولا يهم مدى مشروعية ذلك ومدى اتفاقه مع النصوص الشرعية أو صحة مبرراته أو تحقيقه للمصلحة العامة كل ذلك لا يهم ، فالمهم الوصول إلى جيب ذلك المواطن (ونبشه ) والبحث عمّا فيه ومن ثم يتم سحبه أو قل اختلاسه ولكن بطريقة معلنة ومبررة من قبل القائمين على سحب تلك المبالغ ، بغض النظر عن أن المبررات غير صحيحة والأسباب غير وجهية ، ولعل من المبررات غير المعلنة أن سحب هذه الأموال من جيوب الموطنين من أجل أن يرتاح المواطن من هم حمل المال ، ويستريح من التفكير في طريقة صرف لهذا المال ، وحتى لا يشكل أي هم أو ضغط نفسي عليه ، وليبقى تفكيره قاصرا في حدود كيف يتمكن من تأمين متطلبات الأسرة الضرورية في الحدود الدنيا ، ومن ثم تظهر العلة والحكمة من سحب المال من جيب المواطن بواسطة هذه الضرائب والرسوم والغرامات في أن أنها تحقق للمواطن الراحة له من عناء التفكير فلا يتعب في كيفية استثمار أي مبلغ مالي يستطيع أن يدخره في غفلة من إعصار الضرائب والرسوم والغرامات. ولهذا فقد تعددت الطرق في كيفية فرض الضرائب والرسوم واستحداث الغرامات حتى لم تبق على الأخضر واليابس .
المواطن يئن ويرزح تحت وطأة غلاء المعيشة فأنياب الغلاء الفاحش تعمل في جسده كأنياب السباع الجائعة في الفريسة ، والبطالة تحيط بشباب الوطن وتقض مضاجعهم وتسرق أحلامهم وأمالهم وأيامهم والعمر يمضي ويضيع تحت خيمة الانتظار ، كل ذلك أمر مفجع ومؤلم أن يحدث في بلد كالسعودية التي تعتبر من أغنى دول العالم إن لم تكن أغناها على الإطلاق ، إذ لو كان ما يحدث من غلاء فاحش وبطالة فاجعة وفرض رسوم وضرائب وغرامات جائرة – لو كان يحدث – في بلد فقير أو إيراداته وثرواته تعجز عن تأمين العيش الكريم للمواطن ومحاربة البطالة وان هذه الغرامات والرسوم والضرائب جاءت لتغطية العجز بين الإيرادات والمصروفات في الميزانية العامة للدولة كان ذلك معقولا ومبررا فبعض الدول تلجأ إلى مثل هذه الإجراءات لتغطية العجز في الميزانية ، أما أن يحدث ذلك في حين إن الإيرادات تفوق المصروفات بمئات المليارات فإن ذلك محل نظر ويدعو للدهشة والاستغراب .
مهما كانت المشاكل والصعوبات في غلاء المعيشة وتنامي البطالة وازمة الإسكان فإنها لا تحتاج في علاجها إلا لوجود المال ، وبما أن المال موجود بوفرة غير مسبوقة وغير موجودة في معظم بلدان العالم ، فلماذا بقيت هذه المشاكل؟! علاوة على وجود هذه الضرائب المجحفة والرسوم الفاحشة والغرامات غير المشروعة، سؤال كبير ويتطلب الإجابة والبحث عن مخرج من هذه الأزمات التي يعانيه المواطن . المال متوفر وبكثرة فلماذا البطالة ولماذا الغلاء ولماذا الضرائب والرسوم والغرامات ولماذا لا يجد المواطن سكنا ملائما…
النظام الأساسي للحكم الصادر بالأمر الملكي رقم أ/90 تاريخ 27/8/1412هـ. قد نص في المادة (المادة20) : ” لا تفرض الضرائب والرسوم الا عند الحاجة وعلى أساس من العدل.. ولا يجوز فرضها أو تعديلها أو الغاؤها أو الاعفاء منها الا بموجب النظام . ” وهذا يعني عدم التوسع في فرض الرسوم والضرائب وغيرها ، وما حدث في الرسوم والغرامات التي تمت في عملية تصحيح أوضاع العمالة مثال على التوسع غير المبرر .. ربما يقول قائل : أن هذه الضرائب والرسوم والغرامات معمول بها قبل التصحيح ، ولكن الجواب أن عملية الصحيح نفسها جاءت خارجة عمّا هو معمول به في استقدام العمالة وفرض هذه الغرامات والرسوم كان بالإمكان تجاوزها لكون العملية استثنائية ، لكنها لم تكن في صالح المواطن . وحتى لو تم دفعها من العامل فهو سيتقاضاها من المواطن اضعافا مضاعفة ، وذلك برفع أجوره لتغطية تلك التكلفة الباهظة لتصحيح الوضع علاوة على مواجهة غلاء المعيشة الذي يلاحق ذلك العامل . فكأنها أخذت من المواطن بطريق غير مباشر بل زادت في إرهاقه والعبء المالي عليه. كما أن غرامات ساهر ومضاعفتها أثقل كاهل المواطن ، مع أن تضعيف الغرامة قال العلماء أنه ربا لا يجوز .
كما نصت المادة (المادة 28) من ذات النظام على أن : ” تيسر الدولة مجالات العمل لكل قادر عليه وتسن الأنظمة التي تحمي العامل وصاحب العمل . ” بيد أن تطبيق نص المادة لم يرتق إلى تطلعات المواطنين بل أن البطالة في ازدياد تنهش أعمار وآمال الشباب . كما أن السكن أصبح كابوسا لغالبية المواطنين . وهذه الأمور كلها لا يجد المواطن الحماية الكافية والرعاية الحقة في تحقيقها . مما تسبب في ظهور مشاكل اجتماعية على السطح كالجرائم بأنواعها والعنوسة فضلا عن تصدع العلاقات بين طبقات المجتمع الغنية والفقيرة ، فمتى يا ترى يحظى المواطن بالحماية الكافية من كل هذه المشاكل والصعوبات .
كتبه : شهوان بن عبد الرحمن الزهراني