ثقافة و فن

إنقاذ

محمد الرياني

…..وعندما وصلتُ للديار؛  ديارها لم يكن معي زاد ولا راحلة ولا مأوى ألوذ إليه، كان معي قلبي ينبض  شوقًا، جلستُ على قارعة الطريق أرتجي حظًّا.

 لم يشفق عليَّ أحد من القرية التي بدَتْ بلا قلوب تشبه قلبي، أسأل نفسي ما الذي جاء بي إلى مكان بلا مشاعر؛ باستثناء شجر وقف يابسًا وكأنَّ السحاب لا يحب أن يمرَّ من هنا، أمازح سيقان الأشجار اليابسة غزلا، أتراجع عن غزلي.

هذه سيقان لم يزرها الماء منذ زمن، ذنبها على أهل هذه القرية التي لم ترفع أكفها بالدعاء لتمطر عليهم السماء، مر بجانبي مَن توسمتُ فيه البشائر، تفحَّصَ ملامحي ودعاني للهرب، عرف أنني غريبٌ أبحثُ عن شيء ما، ضربتُ على صدري قبل أن يجتمع أهل هذه القرية الكئيبة ويُجمِعون أمرَهم على غريب.

 تركتُ المكان وأنا أدعو ربي أن تخضرَّ الشجرةُ اليابسةُ، التي أشفقتُ عليها ومن حولها، وأن تورقَ أغصانها كي آتي ذات يوم وأقطفَ منها زهرةً حمراء، لأقدمها لأقرب مارٍّ وأنا على قارعة الطريق الذي كان بائسا، عدتُ من حيث أتيت، جاء الخبر أن سيلًا عارمًا هاجم القرية وأن الأماكن قد اخضرَّت، لم أصدق…! 

لستُ أنا الذي رفعتُ يدي وحيدًا بالدعاء، قيل لي أن الرجل العجوز الذي نهرني قد سمع تمتماتي وأحاديث نفسي وحدَّثَ بها أهلَ القرية، طار قلبي من الفرح ، انطلقتُ لأرى السيلَ العرمرم، وجدتُ نفسي أمام نداءاتِ استغاثة ، ويحَ قلبي ! نبضَ قلبي، لم أكن أجيد السباحة ولكني فعلتُ لأنقذ فتاةً من الغرق، جلستُ على الطريق المخضر.

 غردت العصافير فوق رأسي وكأنها تقول لي: لا تبرح مكانك، لسنا بحاجة للحظةِ إنقاذٍ أخرى، دع قلبك ينبضْ نحو قلبٍ واحدٍ يرنو إليه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com