مجتمعات

بدر المصري أبا ثامر… أربعون عامًا من العشرة والوفاء

 الاتجاه – محمد بن مسعود العُمري

في قلب وادي “ممنا”، حيث تمتزج الطبيعة بسخاء أهله وكرم طباعهم، جاء بدر المصري أبا ثامر، عاملًا من مصر، باحثًا عن رزقه، لكنه وجد في هذه الأرض أكثر من مجرد عمل؛ وجد فيها أهلًا ورفقةً وبيتًا يأوي إليه كلما شعر بالغربة.

8be6d60c 590c 44a1 9dfc 2269593afd2e

لم يكن مجرد عامل يؤدي مهامه ثم ينصرف، بل كان حاضرًا في كل تفاصيل الحياة اليومية، شارك أهل الوادي أفراحهم وأتراحهم، تذوّق طعامهم وتشرّب لهجتهم، بل وتلبّن بطباعهم حتى باتوا ينادونه باسمه مجردًا كما يُنادى أهل الدار.

كان يجالس كبار السن يستمع إلى حكاياتهم، ويمازح الصغار كأنهم أبناؤه، فلم يعد أحد يشعر أنه غريب أو بعيد عنهم. أربعون عامًا مرّت كلمح البصر، حتى جاء اليوم الذي سيحزم فيه حقائبه، تاركًا خلفه أرضًا سكنته كما سكنها، ووجوهًا ألفها وألفته.

ليس من السهل على من أمضى عمرًا بين قومٍ أحبّهم أن ينفض غبار الغربة ويرحل، لكنه قدر الحياة؛ لقاء يعقبه فراق، وأيام تطويها الأيام. يرحل اليوم تاركًا خلفه قلوبًا تعلقت به، وأعينًا تودعه وفيها من الشوق بقدر ما فيها من الحزن. سيمضي في طريقه، وستبقى الأماكن التي شهدت خطواته عامرة بذكراه، وسيظل اسمه حاضرًا في المجالس، يُذكر كلما مرّ حديث عن الأوفياء. ما يخفف وطأة الفراق أن من زُرعت محبته في القلوب لا يغيبه الرحيل، بل يبقى أثره حيًا ما بقيت الذكريات.
وعن هذه اللحظة، يقول أبا ثامر مودعًا: “أربعون عامًا عشتها بينكم لم أشعر فيها بالغربة يومًا، وأحمل معي من هذه الأرض الطيبة وأهلها الكرام ما لا يقدَّر بثمن. شكري لحكومة المملكة العربية السعودية على ما وجدته من خير وأمان، وشكري لأهل هذا الوطن الذين غمروني بكرمهم، ولمجتمع وادي “ممنا” الذي كان لي أهلًا وسندًا. أسأل الله أن يديم عليكم النعم، وما زالت القلوب على العهد، وإن بعدت الدروب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com