صحيفة,أخبار,جريدة,صحف,جرائد,أخبار اليوم,أخبار عاجلة,آخر الأخبار,صحيفة إلكترونية,صحيفة رقمية,منصة أخبار,بوابة إخبارية
ثقافة و فن

الكرسي الأزرق في الشرفة الضيّقة

هيفاء نورالدين

قصة قصيرة

لم يكن الكرسي هناك حين وصلت.

كانت الشرفة ضيّقة بالكاد تتّسع لظلٍّ كامل، وكان البحر بعيدًا بما يكفي ليبدو غير معنيّ بي.

أحب البحر حين لا يهتم بي، حين لا يغازلني بالرغوة ولا يصرخ باسم امرأة غادرت للتو.

كنت بحاجة إلى مكان يتجاهلني، ليكون أكثر صدقًا من الأشخاص الذين يحبّونني بطريقة تُشبه الجَوع.

في الصباح الثاني، كان الكرسي الأزرق هناك.

ظهر كما تظهر الأشياء التي لطالما كانت موجودة في مكانٍ ما داخلنا، فقط انتقلت من الداخل إلى الخارج.

خُشبه مشروخ، الطلاء مقشّر عند الذراعين، وعليه رائحة من لا يزال جالسًا — ولو غاب جسده.

جلست.

وشعرت أنني أستعير شيئًا ليس لي، كرغبة ليست رغبتي، وكأنني أرتدي ذاكرة امرأةٍ أخرى.

في الليل، حلمت بالكرسي.

كان يطفو في البحر، يبتعد عن الشرفة بينما كنت ألوّح له بكتاب لا أعرف عنوانه.

صفحة منه علقت في الريح، وكان عليها خطٌ مشطوب:

“من قال إن الهروب لا يُشبه الولادة؟”

في اليوم الخامس، طرقت الباب امرأة بعينين رماديتين وصوتٍ يُشبه أوراق اللافندر حين تجفّ.

قالت:

“الكرسي كان لزوجي، لكنه لم يكن يجلس عليه.”

سألتها:

“لماذا إذًا تركه هنا؟”

قالت:

“ليذكّرني بكم هو بعيد، حتى حين يكون قريباً.”

ثم همست:

“كنّا نظن أن الحب يجلب القرب. لم يخبرونا أنه يجلب المسافة أيضاً.”

في اليوم السابع، كتبت رسالة.

لم أكتب اسمه، فقط:

“إلى الذي ظن أنني لا أعرف ما أريد.”

وفي الرسالة، وضعت ثلاث جُمل:

  1. أريد أن أُرى دون أن أُفسَّر.
  2. أريد أن أتنفس في غرفة لا تشبه قفصًا أنيقًا.
  3. أريد كرسيًا أزرق، لا يسألني لماذا جلست.

طويتها، ووضعتها تحت وسادة الكرسي.

ثم غادرت.

لم ألتفت، لم أغلق الباب تمامًا،

كنت أعرف أن بعض القصص تبدأ فقط حين نظن أننا أنهيناها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com