آراء و تدوينات

شَيْءٌ مَا

محمد الرياني

ثَمَّةَ خطأ ما، قبل أن ينتهي الأسبوعُ بيومٍ واحدٍ حدَثَ شيءٌ مهمٌّ عندما داهمَه النعاس، يبدو أنَّ الوجبةَ التي لم يعتد عليها قد أربكتْ معدتَه وصنعتْ تلبُّكًا غيرَ مسبوق، الجوُّ رائعٌ مع بزوغِ القمرِ مساء ذلك اليوم، لم يهنأ بنوبةِ النومِ التي صاحَبتْه، الغرفةُ التي استرخى فيها على أحدِ أسرتها بدتْ مثلَ غرفِ بعضِ العزَّابِ العبثيين الفوضويين، لا يوجدُ شيءٍ في مكانِه بما في ذلك اللحافُ الذي يحتمي به من البعوضِ الذي يدخلُ من فتحاتٍ ضيقةٍ تُطلُّ على جداولَ التسريب.

 صوتُ بعوضٍ مُتسلطٍ أَحدثَ طنينًا مرعبًا كادَ أن يخترقَ طبلةَ أذنه اليمنى، لا يعرف كيف دخلَ معه تحتَ اللحافِ وكأنَّه يريدُ أن يشاركَه الدفء، غير أنه تركَ اللحافَ لهذا البعوضِ الخبيثِ ليستلذَّ بالفراشِ وحدَه ويمتصَّ دمَ الراغبين في هذا الميراث.

 خرجَ إلى الساحةِ ليرى القمرَ الذي ما زال في بدايةِ مساره، أخذَ يهرشُ جلدَه في المكانِ الذي ودَّعَه فيه البعوضُ دون أن يسلبَ روعةَ منظرِ الفضاءِ بالقمرِ والنجومِ والأصواتِ التي تتصاعدُ من الأرضِ لتتجمعَ في طبقِ السماءٍ الأقربِ إلى الأرض، قال لنفسه: بعضُ البداياتِ تتكررُ حالاتُ التعثُّرِ فيها، يكثرُ الهربُ على أربعةِ قوائم خشيةً من هذه العثراتِ ليعودَ مرةً أخرى فاقدًا كُلَّ الأحاسيس، لا يوجد بعوضٌ في الغرفةِ الأخرى ولا نوافذَ تفتحُ على بحيراتٍ من الماء الآسن.

 كلُّ ما في الأمرِ أنَّ النومَ جاء في آخرِ أيامِ الأسبوعِ محترقًا، بينما بعضُ البعوضُ يستغلُّ الوقتَ ليُطلقَ صوَتَه الأسطوري وكأنه يُزغردُ لليلةِ فَرَح.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com