النقوش في قنا عسير.. شكرٌ وتنويه
عبدالحي إبراهيم الغبيشي
سعدت الأسبوع الماضي بحضور عدة جلسات في مُلتقى قراءة النص 21 بنادي جدة الأدبي، وهو الملتقى الناجح والرائع حقًا، ولفتتني عدة موضوعات شيقة، وفي أحدها تحديدًا أقدم شكري العاطر، مع تنويه سريع لا يؤثر على جماله.
والواقع أنني استمتعت وسررت بما قدم أ.د عبدالرحمن المحسني، في ورقته البحثية بعنوان: النقوش الصخرية الأثرية والتاريخ الثقافي البعيد في قنا عسير، والتي دعا من خلالها جهات اختصاص إلى قراءة عدد يربو على ثلاثين نقشاً من النقوش الصخرية بالمنطقة.
وهذه نقطة مهمة على طريق البحث العلمي، ويحسب له تحريك آلة البحث في النقوش الصخرية ودراستها دراسة مستفيضة.
وفي نظري أن مثل هذه الرسوم والمخربشات الصخرية لغة كتابة أولية، قد لا تمثل قيمة كبيرة، ولا ترقى إلى العمق التاريخي والبعد الزمني.
ويرى عالم الآثار الدكتور أحمد الزيلعي (أن هذه النقوش والمخربشات المتناثرة على الصخور عبارة عن مخربشات كتبها أصحبها بأنفسهم أو بإملائها على من كتبها من أصحابها ومرافقيهم أثناء الرعي أو في السفر وهي في الغالب لم تكتب لخدمة غرض محدد)
وهي عبارة عن رسوم سطحية بدائية ليست محفورة بعمق اغلبها تدل على رموز وأشكال هندسية ومربعات وخطوط منحنية وصور بعض الحيوانات.
وفي نظري أنها لا تعكس وجودًا أثريًّا أو حضاريًا بالمفهومين اللذين يؤسسان لوجود حضارة قديمة.
ومثل هذه الرسوم الصخرية منتشرة في أغلب مناطقنا ومن ذلك ما هو موجود في الجبال السود بحرة أم الجنادل في منطقة الباحة، وهي تشبه تماماً نقوش قنا عسير، وقد كتب عنها الأستاذ والمؤلف محمد زياد تحت عنوان: الجبال السود وحرة أم الجنادل، ومن الملاحظ أن غالبية أو جل هذه المخربشات تقع على صخور داكنة اللون سوداء.
وبكون الباحث يسعى إلى عرض أولى لهذه النقوش ومقاربتها مكانياً وثقافياً وربطها بالنقوش الثمودية المكتوبة بخط المسند، فهذا أمر ينبغي أن يكون ضمن دارسات مستفيضة كما أشرنا إليها، ولذا لابد منه تشكيل فريق علمي من قبل جهات مختصة تكون على درجة عالية من الاختصاص في هذا المجال، وإن تطلب الأمر يتم الاستعانة بباحثين مشهورين ذوي مستوى رفيعًا في هذا الشأن، وذلك لتحديد البعدين الزماني والمكاني لهذه الرسوم بدقة، لأنهم يمتلكون أدوات بحث حديثة ربما لا نعلمها.
وختاماً …. أشكر أ.د عبد الرحمن المحسني على لفتته الاستعانة بتوظيف الذكاء الاصطناعي، خاصة وأنه منصة مستخدمة حديثا من قبل علماء الآثار، وأؤكد مراراً على أهمية الدقة، للحصول على نتائج صحيحة، لأن هناك باحثين تعرضوا لمثل هذي النقوش أو الرسوم، سواءً في جبل شدا أو غيره، وأخذوها إلى عصور سحيقة، وأعطوها بعداً زمانياً موغلاً ومبالغاً فيه، كبحوث التوراة وإسقاط جغرافيتها على هذي الأماكن… هذا وأسأل الله التوفيق للجميع.
.



