ما جدوى أن أحيا

بديعة كشغري
دلف البحر إلى وقتي
وأنا في قلب الجرح
أٌلملمُ عن جسدي
بعض شظايا من جسديُ
دلف البحرُ إليَّ
ولم يدرِ
أني موجُ من حزنٍ
كرُكامِ هشيمٍ
يرهنني أسري
وأني منذ عِجافِ سنينٍ
أشهدُ تاريخاً عربيداً
يسرقُ مني فجري
ومن الأطفالِ دُمَاهُم
ودِماهم
فنُصارُ معاً أحجاراً
من زبدِ الغضبِ الماطِرِ
تهمي أوطاناً ..
قلت لموجٍ يتلاطمُ
في صدري :
سأُخبيءُ في جوف الليلِ
ثيابي المرقوعة
في قبضةِ كفي
سأَلمُّ هشيمَ البحرِ
يُقَطِّرُهُ الضوءُ النازفُ
من عمري
يسألني البحرُ:
لماذا النفسُ تَسِحُّ ظلاماً؟
وكيف التاريخُ يُسَيِّرُنا ذيولاً
ويُحيلُ خُطانا
عجزاً وهُلاماً..!
يطفو في الذاكرةِ
أُجاجُ الزمن المسفوحِ
هناك على جسر الموتى
فألوذُ بصمتي ..
وأُفتِّشُ عني في مرآتي
خلف الغيمةٍ
فوق رفاةِ رُفاتي
في حائط بيتي وحِصاري
في أشلاءِ شهيدٍ يلقى ربَّهُ
ويُعلِّمُ صهيونَ الدرسَ الآتي ..
أفتشُ عن ذاتي
في ذاتي
فأجدني في نسغِ الجرحِ
كما الإكليلُ
أتَزَنَّرُ بصليلِ عظامي
وبكلِّ الغضبِ العاصفِ في أحشائي
أصرخُ في وجهِ الظَّلامِ
لن أخشى أن يُقطعَ في حُنجرتي وترٌ
أو أن يُعتقلَ لِساني
فدِمائي تَعبُرُ بوَّابةَ موتي
تنثالُ لتحكي قصَّةَ حجرٍ قانٍ
هي قصةُ طفلٍ يمتدُّ بقامتِهِ
لِيُلَقِنَ طاغيةَ العصرِ
دروساً
ويعلِّمنا
عشقَ الأرضِ
وماهيَّة الحقِّ
وماهيةَ الإنسان ..
يتوشَّحُ برقاً وبُرَاقاً
ويموت ليحيا
ويصيحُ بِجمرِ النَّارِ
وجمرِ الأنهارِ ..جِهاراً
: ما جدوى أنْ أحيا
إن لم أسترجِعُ وَطني
وأُحررُ قُدسي من دَنَسِ الطُّغيان..